شرعا ، ولا يمكن رفع اليد عن دليل الحرمة بالخبر الضعيف على ما ستعرف ، فلا بد لمن أراد نقل ما لم يثبت صحته من أن يكون نقله بعنوان روي ونحوه لئلا يكون من القول بغير العلم المحرم.
الجهة الخامسة : ان هذه الاخبار لا تشمل ما قامت الحجة على تحريمه من عموم أو إطلاق ، فإذا ورد خبر ضعيف على استحباب بعض افراده لا يرفع به اليد عن العموم أو الإطلاق. والوجه فيه : ان ذلك الفرد بما انه مقطوع الحرمة ولو بالقطع التعبدي لا تشمله تلك الاخبار ، فانها منصرفة عن مثل ذلك قطعا. وان شئت قلت : بقاعدة الملازمة نعلم بأنه لا ثواب على فعله ، فكيف يعقل شمول الاخبار له.
ثم انه إذا بنينا على عدم شمول اخبار من بلغ للاخبار عن الكراهة أو الحرمة فلا ريب في ثبوت الاستحباب فيما إذا دل خبر ضعيف على وجوب شيء أو استحبابه ، ولو مع وجود خبر آخر دل على كراهته أو حرمته ما لم يكن حجة شرعية ، ولا موجب لما ادعاه المحقق النائيني (١) من انصراف الاخبار عن هذا الفرض. واما إذا بنينا على شمولها للاخبار عن الكراهة أو الحرمة أيضا ، فهل تقع المعارضة بين الخبرين في الفرض ، أو يكون ذلك من باب التزاحم؟ وجهان بل قولان : ظاهر الشهيدين هو الثاني ، وهو محتمل كلام الشيخ رحمهالله بدعوى ان كلا من الفعل والترك حينئذ يكون مستحبا ، فيكونان من المستحبين المتزاحمين ، والتزاحم في المستحبات غير عزيز ، بل انه حاصل في كل آن من الآنات ، وعليه فيكون المقام من قبيل صوم يوم عاشوراء الّذي يكون فعله وتركه معا مستحبا.
ولكن الصحيح : القول بالتفصيل بين الموارد ، بيان ذلك : ان الفعل والترك البالغ عليهما الثواب إذا كان أحدهما أو كلاهما عباديا فلا مانع من جعل
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢١٣.