الثاني : بعد فرض كونه بيانا هل يتمكن الشارع أن يرخص في مخالفته القطعية بارتكاب جميع الأطراف ولو بالتصريح؟
الثالث : في وقوع ذلك وشمول الأدلة لجميع أطراف العلم الإجمالي. ومن الواضح ان هذا المقام مترتب على المقام الثاني ، إذ لو فرض استحالة الترخيص في جميع الأطراف لم يبق مجال للبحث عن دلالة الدليل.
أما البحث الأول : فربما يقال انه يعتبر في موضوع حكم العقل بقبح مخالفة المولى أن يكون المكلف حين العمل عالما بالمخالفة تفصيلا ، واما الإتيان بأمور لا يعلم حين الإتيان بكل واحد منها بمخالفته للمولى ، ولكن بعد الإتيان بالجميع يعلم بتحقق المخالفة في الخارج فلا يحكم العقل بقبحه. وبعبارة أخرى : القبيح مخالفة التكليف الواصل لا تحصيل العلم بالمخالفة ، ولذا لو ارتكب المكلف ما هو مشكوك الحرمة بالشك البدوي تمسكا بأصالة البراءة لا مانع بعد ذلك له من أن يحصل العلم بأن ما فعله كان حراما واقعا بالسؤال عن إمام أو من جفر أو رمل أو من غير ذلك ، فتحصيل العلم بتحقق المخالفة لا يكون معصية.
والجواب عنه هو أن وصول التكليف وانطباقه وان كان مأخوذا في موضوع حكم العقل بالقبح ، وإلّا لحكم بقبح المخالفة في الشبهات البدوية أيضا ، ولكن تمييز ما يحصل به المخالفة عن غيره غير لازم ، وبما أن المفروض في المقام وصول التكليف غير أن متعلقه لم يتميز في الخارج كان العقاب مع البيان لا محالة ، مثلا إذا علم إجمالا بحرمة شرب أحد المائعين ، فالحرمة تكون واصلة بالعلم بثبوته وان لم يكن موردها متميزا عن غيره ، ومن الواضح ان تمييز الحرمة عن غيره لا دخل له في حكم العقل بقبح الفعل ، والدليل في أمثال هذه الموارد منحصر بمراجعة الوجدان والعقلاء ، فانا نراهم لا يفرقون في الحكم بالقبح بين ما إذا عرف العبد ابن المولى بشخصه فقتله أو علم إجمالا بكونه في جملة أشخاص فقتلهم أجمع.