منعه عن العمل بخبر الواحد في موارد مخصوصة ، وعن القياس ، مع انه ليس في الحجية عند العقلاء كخبر الموثق ، ولا يعمل به معشار ما يعمل بخبر الواحد ، ومع هذا بلغت الروايات المانعة عن القياس إلى خمسمائة حديث ، فلو صدر عن الأئمة عليهمالسلام ردع عن العمل بخبر الموثق لاشتهر وشاع بين حفاظ الحديث ، وأثبته أرباب الجوامع في مؤلفاتهم.
وبالجملة هذه السيرة العقلائية وعدم الردع عنها بخصوصها غير قابلة للإنكار. وانما الإشكال في ان الإطلاقات الناهية عن العمل بغير العلم هل تصلح رادعة ومانعة عن العمل بخبر الثقة؟ فيه كلام. وقد أفاد في الكفاية ، وفيما كتبه على الهامش عدم صلاحيتها لذلك ، وذكر له وجوها.
الأول : ما في المتن (١) من استلزامه الدور ، فان رادعية العمومات عن السيرة متوقفة على ان لا تكون السيرة مخصصة لها ، وإلّا فلا تشملها ، وعدم كونها مخصصة لها متوقف على كون العمومات رادعة عنها. ثم أورد على نفسه بما حاصله : ان إثبات حجية خبر الثقة بالسيرة أيضا دوري ، فان إثبات حجية الخبر بالسيرة للعمومات ، وهو موقوف على عدم الردع ، وهذا دور. وأجاب عنه : بمنع المقدمة الأخيرة ، فان تخصيص العمومات بالسيرة غير متوقف على عدم الرادع واقعا ، بل على عدم ثبوته ، فلا يلزم الدور من تخصيص العمومات بالسيرة ، بخلاف العكس.
وفيه : أولا : انه لو كان عدم وصول الردع كافيا في تخصيص العمومات بالسيرة لكفى عدم ثبوت التخصيص في حجية العمومات وصلوحها رادعة عن السيرة بطريق أولى ، فان الدليل العام أو المطلق حجة ببناء العقلاء ما لم تثبت حجة أخرى على خلافه ، بخلاف السيرة المتوقفة حجيتها على الإمضاء ، وعليه فلا وجه
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٩٩ ـ ١٠٠.