وفيه : ان مرجع هذا الإيراد إلى الإيراد الأول ، والجواب عنه هو الجواب ، ونفس التعبد بالإنذار يثبت كونه إنذارا بما تفقه فيه كما هو واضح.
الإيراد الرابع : انه أخذ في الآية عنوان التفقه ، ففي الحقيقة يكون موضوع الحكم هو الفقيه ، وما يجب التحذر عنه انما هو إنذاره بما هو فقيه ، فلا يعم إنذار الراوي ، بما هو راوي ، ولا يمكن التمسك في المقام بعدم القول بالفصل بين حجية قول الفقيه ورواية الراوي ، لعدم ارتباط أحد الأمرين بالآخر. واما القول بان الفقه لغة هو الفهم ، وإرادة الاستنباط منه خروج عن المعنى الموضوع له اللفظ ، فهو مدفوع بورود تفسيره بذلك في كلماتهم عليهمالسلام مثل قوله عليهالسلام «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا» (١) وهذا أمتن الإيرادات في المقام.
وفيه : ان الفقاهة في الصدر الأول لم تكن من الصعوبة بهذه المرتبة الثابتة في عصرنا ، فانها حصلت من كثرة الروايات ، وتعارضها في أبواب العبادات ، وقلة الأدلة في المعاملات ، فالسلف من الرّواة كان يصدق عليهم الفقيه بمجرد سماع الحديث وتحمله ، لكونهم في الغالب من أهل اللسان ، فكانوا فقهاء فيما ينقلونه ، وبمقتضى ظهور الآية تكون روايتهم حجة لنا بما انهم رواة ، وإذا ثبتت حجية خبر فقهائهم بما هم رواة ثبتت حجية خبر الراوي غير الفقيه بعدم القول بالفصل.
ثم انه استدل على حجية الخبر بوجوه لا دلالة فيها.
منها : آية الكتمان. والاستدلال بها مبني على ثبوت الملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب العمل بالخبر ، وإلّا لزم لغوية تحريم الكتمان ، ومن ثم حكموا بحجية قول المرأة في كونها حاملا تمسكا بقوله تعالى (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ)(٢) فانه بالملازمة العرفية يدل على حجية قولهن في ذلك.
__________________
(١) معاني الاخبار : حديث ١.
(٢) البقرة : ٢٢٨.