الفعلي.
وتحقيق الكلام في المقام يقتضي التكلم عن جهات ثلاثة.
الأولى : ان تعلق القطع بانطباق عنوان ذي مفسدة على شيء يوجب حدوث مفسدة فيه ، كما ان القطع بانطباق عنوان ذي مصلحة على شيء يوجب حدوث المصلحة فيه في باب الانقياد. وقد عرفت الجواب عنه بأن المصالح والمفاسد يكونان من قبيل الأمور التكوينية والآثار والخواصّ المترتبة على الأشياء والأدوية ، فكما لا يتغير ذلك بتعلق القطع وعدمه كذلك المصالح والمفاسد.
الثانية : ان الفعل المتجري به يكون كاشفا عن سوء سريرة العبد وانه بصدد الطغيان على مولاه فيكون فيه القبح الفاعلي ، ويسرى ذلك إلى نفس الفعل المتجري به ويوجب قبحه أيضا. والجواب عنه انّ قبح المنكشف لا يوجب قبح الكاشف ، كما انّ حسن المنكشف لا يوجب حسن الكاشف في الانقياد.
الثالثة : ان نفس الانكشاف وتعلق القطع بشيء لا يوجب تعنونه بالحسن أو القبح ، وبعبارة أخرى : عنوان القطع يكون من العناوين المحسنة والمقبّحة وان لم يكن موجبا لحدوث مصلحة أو مفسدة في متعلقه؟
والكلام في هذه الجهة أيضا يقع في نقطتين : إحداهما : في بيان ان القطع من العناوين المقبحة والمحسنة أو لا؟ ثانيتهما : في انه بعد صحة هذه الدعوى هل يستتبع ذلك حكما شرعيا لقاعدة الملازمة أم لا؟
أما الأولى : فادعى المحقق النائيني قدسسره ان عنوان القطع ليس موجبا لتعنون متعلقه بالحسن والقبح أصلا ، وأفاد انّ هذا وجداني ولم يستدل على مدعاه بشيء (١). ولكن المحقق الخراسانيّ قدسسره برهن على ذلك ، وحاصل ما أفاده : انّ العناوين
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ٤١.