المبحث الثالث :
حجية الإجماع المنقول
وكان الأولى تأخيره عن بحث حجية الخبر الواحد ، لترتبه عليه ، إذ هو من شئونه ومتمماته ، فانه بعد إثبات حجية الخبر يبحث عن اختصاصها بنقل رأي الإمام عليهالسلام بعنوان الرواية ، وعمومه للنقل بعنوان الإجماع ، أو الاتفاق ، أو نفي الخلاف. وكيف كان يقع الكلام فيها من جهات.
الجهة الأولى : أفاد الشيخ رحمهالله ما حاصله (١) : أن الإخبار عن الشيء تارة يكون عن حس ومشاهدة ، إما جزما وإما احتمالا.
وأخرى عن حدس قريب من الحس بحيث لا يكون له مقدمات بعيدة ، كالإخبار بأن حاصل ضرب ثلاثة في ثلاثة تسعة ، أو بغيره من نتائج الحساب والهندسة.
وثالثة يكون عن حدس كان منشؤه تام السببية في نظر المنقول إليه ، بحيث لو فرض اطلاعه على ذلك السبب لقطع بذلك الأمر الحدسي ، لعلمه بالملازمة بينهما. ورابعة : يكون الإخبار عن حدس بعيد عن الحس من دون أن يكون سببه تاما عند المنقول إليه.
إذا وضح هذا نقول : استقرت سيرة العقلاء على العمل بالخبر مطلقا في الأمور
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ١٣٥ (ط. جامعة المدرسين).