المحسوسة وما كان قريبا من الحس ، لقلة وقوع الاشتباه فيها ، وما يرجع إلى الاخبار عن الحس كما في الفرض الثالث ، فان حكاية المسبب بعد فرض ثبوت الملازمة بينه وبين سببه حتى عند المحكي له حقيقة تكون اخبارا عن تحقق السبب ، الّذي هو امر حسي ، فان في جميع ذلك لا منشأ لتوقفهم عن العمل بخبر العادل إلّا احتمال تعمد كذبه ، وهو منفي بالعدالة والوثوق ، أو احتمال غفلته وهو منفي بأصالة عدم الغفلة. واما في غير ذلك من الأمور الحدسية فيحتمل أن يكون خطاء المخبر مستندا إلى اشتباهه ، فانه غير مأمون فيها ، وحيث لا دافع لهذا الاحتمال ، فلتوقفهم عن العمل به مجال ، ولم يثبت منهم بناء على ذلك. وعلى هذا فناقل الإجماع ان كان معتمدا في نقله على مشافهة الإمام والسماع منه فهو ينقل فتوى الإمام بعنوان الإجماع ، فلا يتوقف في الأخذ بقوله ، غير انا نقطع بعدم تحققه ، خصوصا في الإجماعات المنقولة من المتأخرين عن الغيبة الصغرى ، مع انا مأمورون بتكذيب مدعى الرؤية عملا. وان كان الناقل معتمدا على قاعدة اللطف ونحوها فالمنقول إليه ان كان يرى الملازمة بين ذاك الاتفاق وقول المعصوم أخذ به ، وإلّا فلا يكون حجة بالقياس إليه.
وقد ذهب بعض الأعاظم إلى حجية الإجماع المنقول من القدماء ، بدعوى : احتمال كون مستندهم في ذلك هو السماع من المعصوم عليهالسلام ولو بالواسطة ، لقرب عصرهم بعصر الحضور ، ثم ضموا إليه فتاوى بقية العلماء ، ونقلوا الجميع بعنوان الإجماع.
وفيه : أولا : ان المتتبع لإجماعات القدماء كالشيخ الطوسي والسيد المرتضى وأمثالهم يقطع بعدم استنادهم في ذلك إلى ما ذكر ، فان المستند للشيخ في حجية الإجماع قاعدة اللطف ، والسيد كثيرا ما ينقل الإجماع على حكم يراه موافقا للقاعدة أو الأصل ، كدعواه الإجماع على جواز الوضوء بالمائع المضاف اتّكالا على اتفاقهم على أصل البراءة ، مع انه لا قائل به أصلا.