الحديث أن يكون الانقسام دخيلا في الشك ، وليس الأمر كذلك في الشبهة
الحكمية وثالثا : ان كلمة الحرام في قوله عليهالسلام «حتى تعرف الحرام بعينه» لا يمكن أن يراد بها الحرام المعهود ، لعدم فرض حرام في الكلام بعد حمل التقسيم على الترديد ، فلا بد وان يراد به الجنس ، وعليه يلزم أن يكون العلم بحرمة شيء ما كلحم الأرنب مثلا غاية للحكم بحلية لحم الحمار المشكوك حرمته ، وهو مما لا محصل له. نعم لو كانت الغاية المذكورة في الرواية هو العلم بحرمة ذلك الشيء لا العلم بالحرام لم يرد عليه ذلك ، لكنه خلاف ما هو الموجود فيها.
حديث السعة
ومن الروايات المستدل بها على البراءة قوله عليهالسلام (الناس في سعة ما لا يعلموا) (١) ولفظ ما يحتمل أن يكون مصدرية زمانية ، فيكون المعنى انهم في سعة ما داموا لم يعلموا ، فمفاد الخبر حينئذ مفاد قبح العقاب بلا بيان ، وعليه فأدلة الاحتياط تكون حاكمة عليه ، لأنها بيان. ويحتمل أن تكون ما موصولة ولفظ السعة مضاف إليه ، فيكون مفاد الحديث حينئذ كون الناس في سعة من الحكم المجهول ، فيفيد ما كان يفيده حديث الرفع من التوسعة عند الجهل بالواقع ، فتقع المعارضة بينه وبين أدلة الاحتياط الدالة على كون الناس في ضيق الواقع المجهول ، لما ستعرف من ان إيجاب الاحتياط طريقي لا نفسي.
والظاهر من الحديث هو الاحتمال الثاني ، فان كلمة ما الزمانية حسب استقراء موارد استعمالها لا تدخل على الفعل المضارع ، وانما تدخل على الماضي ، فلو كان المضارع في الخبر مدخول كلمة لم لكان للاحتمال الأول وجه متين ، لكنه خلاف الواقع. ثم لو سلم دخولها على الفعل المضارع أحيانا فلا ريب في ندرته ، فلا يصار
__________________
(١) عوالي اللئالي : ١ ـ ٤٢٤ ، ح ١٠٩.