بل الإمكان دائما تكويني ، غاية الأمر أن معروضه تارة يكون من الأمر التكويني ، وأخرى من الأمر التشريعي ، فيقال : الحكم الكذائي أو التعبد الكذائي ممكن أو مستحيل.
واما ما أورده في الكفاية من الوجوه الثلاثة فكلها مبتنية على أن يكون مراد الشيخ قدسسره من بناء العقلاء على الإمكان بناءهم على ذلك مطلقا ، ولكن المحتمل بل المطمئن به أن يكون مراده هو البناء على ذلك عند قيام دليل ظني معتبر عليه ، فإذا اقتضى ظهور كلام المولى حجية ظن وشككنا في إمكان ذلك فالعقلاء لا يعتنون باحتمال الاستحالة في رفع اليد عن العمل بالظهور ، فما لم يثبت استحالة شيء كان ظهور كلام المولى حجة فيه ، وهذا نظير ما إذا أمر المولى بوجوب إكرام العلماء وشككنا في أن إكرام العالم الفاسق ذو مصلحة ليكون الحكم بوجوبه ممكنا من الشارع الحكيم ، أو أنه ليس فيه مصلحة ليكون ذلك مستحيلا ، فهل يشك أحد في لزوم الأخذ بظهور كلام المولى حينئذ وعدم الاعتناء باحتمال الاستحالة؟! وهذا الّذي ذكرناه في بيان كلام الشيخ هو المناسب للبحث عنه في المقام ، فانه هو الّذي يترتب عليه الأثر العملي ، وعلى ذلك فلا يرد شيء مما أورد عليه في الكفاية.
ثم إن تحقيق أصل المسألة يتوقف على بيان ما يتوهم لزومه من التعبد بغير العلم من المحاذير أولا ، ثم تعقيب ذلك بما يظهر منه فساده.
وحاصل ما يستفاد من كلام ابن قبة بضميمة ما أفاده المتأخرون في توضيحه أن المانع من التعبد بالظن أمران.
أحدهما : من ناحية التكليف.
وثانيهما : من ناحية الملاك.
أما ما يلزم من ناحية التكليف ، فهو أن الأمارة التي يتعبد بحجيتها ان كانت موافقة مع الحكم الواقعي المشكوك فيه فيلزم من حجيتها اجتماع المثلين ، وان كانت