مخالفة له يلزم منها اجتماع الضدين ، وكلاهما محال ، فلا يمكن التعبد بغير العلم.
وأما ما يلزم : من ناحية الملاك ، فهو أن الأمارة التي اعتبرت شرعا ربما تقوم على وجوب ما هو مباح واقعا أو على حرمته ، ولازم ذلك هو الإلزام بشيء من دون أن يكون فيه مصلحة إلزامية ، مع أنا نقول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، وهذا هو المراد من تحريم الحلال. وربما تقوم على إباحة شيء والترخيص فيه مع أن حكمه في الواقع هو الإلزام بالفعل أو الترك ، ولازمه تفويت المصلحة الواقعية أو الإلقاء في المفسدة ، وهذا هو المراد من تحليل الحرام ، وكل ذلك محال بالإضافة إلى الحكيم.
إذا عرفت ذلك نقول : أما الإشكال الثاني فله طرفان.
أحدهما : الإلزام بما هو مباح واقعا فعلا أو تركا.
ثانيهما : الترخيص في ما هو واجب أو محرم واقعا ، وهناك شق ثالث نتعرض له في طي الكلام.
أما الأول : وهو الإلزام بالمباح الواقعي فليس فيه كثير إشكال ، وذلك لأن للشارع جعل الحكم بنحو العموم فيما إذا لم يتمكن من الوصول إلى غرضه المتعلق ببعض الموارد إلّا بذلك ، كما لو علم المولى بأن أحدا يريد قتله في يوم معين ولم يعرفه بشخصه فيأمر عبيده بأن لا يأذنوا لأحد في الدخول عليه في ذلك اليوم تحفظا على عدم دخول من يريد قتله ، ونظير ذلك تشريع العدة بنحو العموم لأجل التحفظ على عدم اختلاط المياه.
وبالجملة لا يرى العقل مانعا من إلزام المولى بفعل مباح تحفظا على غرضه المهم ، وليس في ذلك محذور حتى بناء على تبعية الأحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد ، إذ اللازم على ذلك وجود المصلحة في متعلق الأمر ولو بنحو الموجبة الجزئية فيما لم يتميز واجد المصلحة من غيره.
وان شئت قلت : أن المصلحة الأولية وان اختص بها بعض الأفراد إلّا أن