المصلحة الثانوية أعني بها التحفظ على تلك المصلحة عامة لجميع الأفراد لا محالة. ولا فرق فيما ذكرناه بين صورتي انفتاح باب العلم وانسداده.
وأما الثاني : وهو لزوم الترخيص في فعل الحرام أو في ترك الواجب الواقعي فتوضيح الحال فيه : أنه يفرض تارة في فرض انسداد باب العلم ، وأخرى في فرض انفتاحه.
أما لو فرضنا انسداد باب العلم وأن الاحتياط غير ممكن أو غير واجب ، للإجماع أو لاستلزام اختلال النظام أو العسر والحرج ، فلا إشكال ، لأن الأمر حينئذ يدور بين أن يهمل المولى عبيده ويحيلهم على رسلهم فيما يفعلون ويتركون ، أو يقيم لهم طريقا يوصلهم إلى الواقع كثيرا وإذا خالف الواقع في مورد وكان مفاده ترخيصا ظاهريا كان ذلك كتخلف القطع عن الواقع ، وحيث لم يكن من المولى إلزام بالفعل ولا بالترك وإنما كان منه الترخيص فاختيار أحد الأمرين يكون مستندا إلى العبد ، إذ كان له أن يفعل وأن لا يفعل ، ولا يكون ذلك مستندا إلى المولى.
وبعبارة أخرى : بعد فرض عدم تنجز الواقع على المكلف ، وعدم كونه ملزما بالفعل أو الترك في مرحلة الظاهر كيف يمكن أن ينسب الإيقاع في المفسدة أو تفويت المصلحة إلى المولى ، مع أن كل ذلك مستند إلى اختيار المكلف بحيث لو لم تكن الأمارة حجة كان ذلك متحققا أيضا ، ولا يبعد أن يكون هذا الفرض خارجا عن محل كلام ابن قبة.
نعم لو دلت الأمارة على وجوب ما كان حراما واقعا ، أو حرمة ما كان واجبا واقعا كان تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة مستندا إلى المولى لإلزامه بذلك ، لكنه لا قبح في ذلك مطلقا ، بل لا بد من ملاحظة ما يترتب على حجية الأمارة من التحفظ على الواقع ، فان كان ذلك أولى بالمراعاة للأقوائية أو الأكثرية كان التعبد بالأمارة حسنا وان أوجب فوات الواقع في بعض الموارد.