واما القسم الثاني ، وهو ما تمكن المكلف من الامتثال الإجمالي بتكرار الجزء ، أو بتكرار العمل فلا ريب في انه لا وجه فيه لجواز اقتصار المكلف على الامتثال الاحتمالي ، فيجب عليه إحراز الامتثال ولو إجمالا. وبالجملة الحكم بالتخيير انما يكون مع عدم التمكن من الامتثال القطعي ، واما مع التمكن منه فالاقتصار على الامتثال الاحتمالي يحتاج إلى قيام دليل خاص ، ومع عدمه كما هو المفروض في المقام يحكم العقل بلزوم الامتثال القطعي ، هذا فيما إذا أمكن التكرار. واما إذا لم يمكن ذلك ، كما إذا دار الأمر بين القصر والتمام عند ضيق الوقت ، فالتخيير بين الأمر من جهة الإتيان به في الوقت وان كان مما لا بد منه ، إلّا انه لا يوجب سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز من حيث لزوم الإتيان بالآخر في خارج الوقت. ونظير ذلك ما لو ترددت القبلة بين أربع جهات ، ولم يتمكن المكلف إلّا من الإتيان بصلاة واحدة ، فان استقبال كل جهة من الجهات كما يحتمل شرطيته ، لاحتمال كونه إلى القبلة ، يحتمل مانعيته ، لاحتمال كونه على خلاف القبلة ، فيحكم فيه بالتخيير بين الجهات ، لكن ذلك لا يقتضي جواز الاقتصار بها ، بل لا بد من الاحتياط بعد ذلك بالإتيان بالصلاة إلى الجهات الأخرى.
هذا ما تقتضيه القاعدة مع قطع النّظر عن الدليل الخاصّ. واما بالنظر إليه ، فقد ورد الدليل على جواز الاجتزاء بالصلاة إلى الجهة التي يظن انها القبلة ، بل قد ذكرنا في محله ان الاجتزاء بصلاة واحدة مع تردد القبلة بين أربع جهات بالنظر إلى الأدلة الخاصة هو الأظهر ، وتمام الكلام في محله.
المقام الثالث : في دوران الأمر بين المحذورين في فرض تعدد الواقعة. والتعدد تارة : يكون دفعيا من جهة تعدد الموضوع ، وأخرى : تدريجيا من حيث الأفراد الطولية لموضوع واحد.
اما القسم الأول : فهو كما لو علم إجمالا بصدور حلفين تعلق أحدهما بفعل