نظير النسخ ، لا انه يستكشف به عدم ثبوت الحكم من الأول كما في الأحكام الواقعية.
وفيه : انّ هذا إنما يتم على القول بالسببية والموضوعية ، فانه بناء على ذلك يكون في موردها أحكاما ينتهي أمدها بانكشاف الخلاف ، ولكن هذا القول فاسد لا يعبأ به وان كان منسوبا إلى بعض قدماء الأصحاب ، لاستلزامه التصويب الباطل أو المحال على بعض الوجوه.
والصحيح أنّ المجعول في باب الطرق والأمارات إنما هو الطريقية وتتميم الكشف ، وجعلها طريقا تاما نظير القطع ، ولا يستفاد من أدلة اعتبارها أزيد من ذلك ، ولو سلمنا أنّ مفاد الأدلة هو جعل الحكم المماثل فالمجعول إنما هو الحكم الطريقي الناظر إلى الواقع الّذي يوجب مخالفته العقاب لو صادف الواقع لا مطلقا ، وهكذا الكلام في الاستصحاب. فالصحيح جريان التجري في موارد قيام الطرق والأمارات مطلقا.
وكيف كان فيقع الكلام في الوجه الأول من الجهة الثانية ، وهو دعوى شمول إطلاقات الأدلة لما قطع بموضوعيته للحكم أو بأنه متعلقه ، أو قام طريق أو حجة معتبرة على ذلك ، وقد عرفت انّ هذا الوجه مختص بما إذا كان هناك إطلاق وكان الخطأ في تطبيقه ، ولا يعم الموارد التي ليس الخطأ فيها من حيث التطبيق.
ويستدل لشمول الإطلاقات لذلك بمقدمات :
الأولى : انّ ما يتعلق به التكليف لا بدّ وأن يكون مقدورا للمكلف ، وإلّا لم يصح التكليف به من الحكيم ، وعليه لا بد وأن يكون موضوع الحكم ومتعلقاته خارجة عن حيز التكليف ، فلو قال المولى : «أكرم العالم» يكون وجود العالم خارجا عن حيز الطلب ، وهكذا لو قال : «لا تشرب الخمر» يكون خمرية الخمر مفروض الوجود في مقام الحكم ، فيفرض العالم ويبعث نحو إكرامه ، ويفرض وجود الخمر