وخمريته فيزجر عن شربه ، وعلى هذه المقدمة بنى المحقق النائيني رحمهالله إنكار الواجب التعليقي ، وقد تقدم الكلام فيه ، إلّا أن المقدمة غير قابلة للإنكار.
الثانية : ان السبب لحركة العضلات نحو العمل والداعي لتعلق الإرادة بشيء إنما هو نفس القطع والانكشاف ، غايته بما انه طريق ومظهر للواقع لا بما انه صفة نفسانية ، وجهة كونه مطابقا للواقع أو مخالفا وجهلا مركبا أجنبية عن محركيته وباعثيته أو زاجريته وان كان الإنسان يرى انّ محركه هو الوجود الواقعي ، ولذا لو قطع الإنسان بوجود الأسد يفر ولو لم يكن هناك أسد واقعا ، وبالعكس لو كان هناك أسد وهو لا يعلم به لا يفر ولو افترسه ، وهكذا في الحركة نحو المحبوب ، فانّ العطشان لو قطع بوجود الماء في مكان يتحرك نحوه ولو كان في الواقع سرابا ، وبالعكس لو كان الماء عنده وهو لا يعلم به ربما يموت من العطش ولا يتحرك نحوه ، فالتأثير والتأثرات الروحية والإرادية ليست كالتأثرات الطبيعية المترتبة على مؤثرها قهرا نظير الإحراق المترتب على وجود النار الّذي لا يتوقف حصوله منها على قطع وإرادة أو نحو ذلك ، وإنما هي تابعة للصور العلمية ، فانّ الروح أسير الإرادة ، ومرجح الإرادة كما عرفت هو القطع واليقين موافقا كان للواقع أو مخالفا ، وهذا واضح جدا ، فما أفاده المحقق النائيني قدسسره من أن المحرك هو وجود المقطوع بما تعلق به القطع غير صحيح (١).
الثالثة : ان الإرادة التشريعية حيث تتعلق بالفعل الصادر عن إرادة المكلف واختياره لا بفعله الاضطراري فلا محالة تكون محركة لإرادته ، بمعنى أن المولى يريد تحقق اختيار المكلف في أفق النّفس ، فالمطلوب للمولى هو هذا ، وإذا فرضنا ان إرادة العبد تتبع قطعه ، فلا محالة يكون متعلق بعثه هو ما يتعلق به قطعه ، وهكذا في
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ٣٨.