وفيه : ان هذا الاتفاق وان كان ثابتا إلّا انه على امر عقلي ، فليس إجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم ، فلا أثر لمثله.
الثاني : اتفاقهم على ان الحكم الشرعي في مورد التكاليف التي لم تصل بنفسها ولا بطريقها هو الترخيص ، كما هو مفاد قوله عليهالسلام «الناس في سعة ما لا يعلموا» (١).
وهذه الكبرى وان كانت إجماعية إلّا انها لا تفي بإثبات الصغرى ، فان الاخباري يدعي ان الأحكام المجهولة واصلة إلى المكلفين بطريقها ، إما مطلقا كما ادعاه المحدث الأسترآبادي ، وإما في خصوص الشبهات التحريمية كما هو المعروف ، ودليلهم على ذلك الاخبار الآمرة بالاحتياط ، ففي الاقتحام في الشبهات مخالفة للحكم الطريقي الواصل.
الثالث : دعوى ثبوت الاتفاق على ان الحكم الظاهري المجعول في موارد الجهل بالواقع هو الإباحة والترخيص شرعا.
وهذا التقريب لو تم لكان دليلا على البراءة ولكنه كيف يتم مع ذهاب الأخباريين إلى ان الحكم المجعول هو وجوب الاحتياط أو التوقف.
الاستدلال على البراءة بحكم العقل
الوجه الرابع : من وجوه الأدلة الأربعة هو حكم العقل ، بتقريب : ان الانبعاث أو الانزجار انما هو من آثار التكليف الواصل ، فإذا لم يكن التكليف واصلا كان العقاب على مخالفته عقابا بلا مقتضى ، وهو قبيح ، توضيحه : أن ما يكون محركا للعبد أو زاجرا له انما هو الوجود العلمي لا الوجود الواقعي ، فقد يموت الإنسان عطشا والماء في رحله ، لجهله بذلك ، فكما ان شوق المولى إلى فعل العبد لا يحركه نحوه ما لم يصل إليه ، كذلك حكمه وان بلغ من اللزوم والتأكد ما بلغ ، فالحكم ما لم يصل إلى
__________________
(١) عوالي اللئالي : ١ ـ ٤٢٤ ، ح ١٠٩.