فرق في حكم العقل بقبح التفويت بين كونه مستندا إلى العبد وكونه مستندا إلى المولى ، ومن الظاهر ان ترخيص المولى في ارتكاب الطرف المبتلى به فعلا وترخيصه في ارتكاب الطرف الآخر في ظرف الابتلاء به ترخيص في تفويت الملاك الملزم التام ، وهو على حد الترخيص في مخالفة التكليف الفعلي وعصيانه.
التنبيه السابع : في الشبهة غير المحصورة. ويقع الكلام أولا في تحديد موضوعها ، ثم في بيان حكمها. وذكر لتعريفها وجوه :
الأول : ان غير المحصور ما يعسر عده.
وفيه : أولا : ان عسر العد لا عبرة به ، لعدم انضباطه في نفسه من جهة اختلاف زمان العد وغيره ، فالألف يعسر عدها في ساعة ، ولا يعسر عدها في يوم أو أكثر.
وثانيا : ان تردد الشاة الواحدة المغصوبة المرددة في أغنام البلد التي لا تزيد على الألف مثلا من الشبهة غير المحصورة عندهم ، والحبة الواحدة من الأرز المغصوبة المرددة في الف الف حبة مجتمعة في إناء ليس كذلك ، مع ان عد الف الف أعسر من عد الأغنام ، فلا يكون عسر العد ضابطا للشبهة غير المحصورة.
الوجه الثاني : ان الشبهة غير المحصورة ما يعسر موافقتها القطعية.
وفيه : ان العسر بنفسه مانع عن تنجز التكليف وفعليته ، سواء كانت أطراف الشبهة قليلة أو كثيرة ، فلا يكون ذلك ضابطا أيضا.
الوجه الثالث : ما ذكره الشيخ رحمهالله من ان الشبهة غير المحصورة ما كان احتمال التكليف في كل من أطرافها موهوما لكثرة الأطراف (١).
وفيه : أولا : ما أفاده المحقق النائيني رحمهالله انه إحالة إلى امر مجهول ، فان الوهم له
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٣٨ (ط. جامعة المدرسين).