الآخر في ظرف الابتلاء به. ومن ذهب إلى ان العلم بالملاك التام الفعلي بمنزلة العلم بالتكليف الفعلي فقد فصل بين القسمين المزبورين ، والتزم بعدم تنجيز العلم الإجمالي عند عدم العلم بالملاك التام فعلا ، وبتنجيزه فيما إذا علم الملاك التام فعلا وان لم يكن التكليف فعليا على تقدير ، لعدم حصول شرطه ، لأن الترخيص في تفويت الملاك الملزم فعلا بمنزلة الترخيص في مخالفة التكليف الفعلي ، فان عدم تمكن المولى من البعث لوجود المانع مع تمامية المقتضى بحيث لو أمكنه سحب الزمان المتأخر لفعل لا يرفع قبح الترخيص في تفويت الملاك الملزم ، ومن هنا فصل شيخنا الأنصاري قدسسره بين المثالين المزبورين (١) فالتزم بتنجيز العلم الإجمالي في مسألة العلم بالنذر المردد تعلقه بأمر حالي أو استقبالي ، وبعدم تنجزه في علم المرأة بالحيض المردد في أيام الشهر ، فتمسك فيه باستصحاب عدم تحقق الحيض إلى الآن الأول من ثلاثة أيام الباقية من الشهر ، وبالبراءة بعد ذلك. والوجه في رجوعه إلى البراءة هو ان المرأة بعد تحقق الآن الأول من الأيام الثلاثة الباقية يحصل لها اليقين بحيض وطهر سابقين على هذا الآن قطعا ، وبما ان تاريخ كل منهما مجهول ، فالاستصحاب فيهما غير جار ، للمعارضة على مسلكه قدسسره (٢) ، أو لوجه آخر كما ذهب إليه صاحب الكفاية (٣) ، وعلى كل حال فلا مجال للاستصحاب فيرجع إلى البراءة.
والتحقيق : في المقام هو ما ذهب إليه المحقق النائيني قدسسره من تنجيز العلم مطلقا ، اما فيما تم فيه الملاك فعلا فقد عرفت وجهه. واما فيما لم يتم فلما تقدم في مبحث مقدمة الواجب من استقلال العقل بقبح تفويت الملاك الملزم التام في ظرفه بتعجيز النّفس قبل مجيء وقته ، كحكمه بقبح تعجيز النّفس عن امتثال التكليف الفعلي ، ولا
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٢٥ ، ٧٤٤ (ط. جامعة المدرسين).
(٣) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٣٤ ـ ٣٣٥.