مطلقا كما ذهب إليه المحقق النائيني رحمهالله (١) ، وبين مفصل بينما إذا كان ملاك الأمر المتأخر تاما من الآن وما إذا لم يكن كذلك كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدسسره (٢).
وتوضيح الحال في المقام يتوقف على بيان مقدمة وهي : ان تأخر التكليف قد يستند إلى عدم إمكانه مع تمامية المقتضى له ، كما إذا فرضنا ان الفعل في الزمان المتأخر اتصف بكونه ذا ملاك ولكن المولى غير متمكن من الأمر به فعلا ، مثال ذلك النذر المتعلق بأمر متأخر بناء على استحالة الواجب التعليقي ، فان الفعل المنذور يتصف بالملاك الملزم بتعلق النذر به إلّا ان الأمر بالوفاء مشروط بمجيء زمانه ، بناء على استحالة الأمر بالشيء المتأخر. ومثاله في العرفيات ما إذا كان المريض محتاجا إلى شرب دواء يتوقف تأثيره على وقوعه في أول طلوع الشمس مثلا ، فان المقتضى لشرب الدواء وان كان تاما بوجود المرض إلّا ان عدم القدرة عليه قبل طلوع الشمس مانع عن طلبه ، بناء على استحالة تعلقه بالأمر المتأخر. وقد يستند التأخر إلى عدم تمامية المقتضى لعدم تحقق ما له دخل في تماميته ، وهذا كأكثر الشروط التي أنيط بها فعلية الحكم شرعا ، فإذا علمت المرأة بأنها تحيض ثلاثة أيام مرددة في أيام الشهر كلها ، فلا علم بها بالتكليف الفعلي ولا بملاكه التام ، لعدم العلم بالحيض فعلا المترتب عليه التكليف وملاكه.
إذا تحققت ذلك فاعلم ان من نظر إلى أن تنجيز العلم الإجمالي يتوقف على كونه متعلقا بالتكليف الفعلي فقد ذهب إلى عدم تنجيزه في المقام ، والرجوع إلى الأصول في جميع الأطراف ، إذ المفروض تردد التكليف فيه بين كونه فعليا وكونه مشروطا بشرط غير حاصل ، فلا علم بالتكليف الفعلي ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف المبتلى به فعلا ، كما لا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ١١١ ـ ١١٢.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٢٧ (ط. جامعة المدرسين).