الأطراف ، ولكنه يتمكن من ارتكاب كل منهما بالفعل ، وذلك كما إذا علم بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة ، فانه وان لم يتمكن من الجمع بينهما في زمان واحد إلّا انه متمكن من اختيار أي منهما شاء في كل آن ، ونظيره العلم بحرمة أحد الضدين اللذين لهما ثالث. ولا ينبغي الإشكال في تنجيز العلم الإجمالي في هذا القسم أيضا بعد العلم بالتكليف الفعلي وسقوط الأصول في أطرافه.
الثالث : ما إذا كانت التدريجية مستندة إلى تقيد أحد الأطراف بزمان أو زماني متأخر. والحكم المعروف في هذا القسم ، تارة : يكون فعليا على كل تقدير ، وأخرى : لا يكون فعليا إلّا على تقدير دون تقدير.
اما القسم الأول : فلا ينبغي الإشكال في تنجيز العلم الإجمالي فيه ، إذ الملاك في تنجزه هو العلم بالتكليف الفعلي ، وهو حاصل على الفرض ، مثاله ما إذا علم إجمالا بتعلق النذر بقراءة سورة خاصة في هذا اليوم أو في غد ، فانه بناء على كون الوجوب فعليا بالنذر لإمكان الواجب التعليقي نعلم بتكليف فعلي متعلق بالقراءة في اليوم أو بالقراءة في الغد ، فالتدريجية انما هي في المتعلق ، واما الوجوب فهو حاصل بالفعل لا تدريجية فيه على كل تقدير ، وفي مثل ذلك لا بد من القول بتنجيز العلم الإجمالي ، لما عرفت من ان العبرة في التنجيز بالعلم بالتكليف الفعلي وهو ثابت على الفرض.
واما القسم الثاني : وهو ما لا يكون العلم فيه متعلقا بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، كما إذا علم بوجوب مردد بين كونه فعليا بالفعل وكونه فعليا فيما بعد ، نظير ما إذا تردد أمر الواجب بين كونه مطلقا أو مشروطا بشرط يحصل فيما بعد. فقد اختلفت فيه كلماتهم ، فبين قائل بجواز الرجوع إلى الأصل في كل من الطرفين كما ذهب إليه صاحب الكفاية (١) وقائل بتنجيز العلم الإجمالي وعدم جواز الرجوع إلى الأصول
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢١٥.