ثم الظاهر شمول الاخبار لفتوى الفقيه باستحباب العمل ، لصدق عنوان بلوغ الثواب عليه ، اما فيما علم كون فتوى الفقيه موافقا لمتون الروايات فالامر واضح ، كما هو كذلك في فتاوى ابن بابويه ، وقد صرح بذلك في المقنع (١) ، وذكر ان ما أودعه فيه مجموع اخبار حذف إسنادها لئلا يثقل حمله ويصعب حفظه ، واما في غير ذلك كالفتاوى المتعارفة في عصرنا فلا يبعد أيضا دعوى ثبوت الاستحباب بذلك ، لأن الفقيه يخبر عن ترتب الثواب على العمل ، غايته يكون اخباره عن حدس لا عن حس اللهم ، إلّا ان يدعى انصراف أدلة التسامح عن الاخبار الحدسي ، لكنها بعيدة جدا.
الجهة الرابعة : الظاهر اختصاص البلوغ المذكور في الروايات بالبلوغ في موارد الشبهات الحكمية ، فلا يعم الشبهات الموضوعية ، فلو دل خبر ضعيف على كون مكان خاص مسجدا لا يثبت به استحباب الصلاة فيه مثلا ، وذلك لأن البلوغ المذكور فيها ظاهر في اختصاصه بما يكون بيانه من وظيفة الشارع ، ومن الواضح ان بيان الموضوعات وتطبيق الكبريات على صغرياتها لا يرجع إلى النبي أو الإمام عليهالسلام بما هو امام.
ثم ان الظاهر عدم شمولها لنقل فضائل أهل البيت عليهمالسلام ومصائبهم فيما لم يقم على ثبوته دليل معتبر ، فان الأدلة وان أفادت رجحان نقل فضائلهم ، وما جرى عليهم من الظلم والعدوان ، إلّا انه لم يظهر منها رجحان النقل الخالي عن مدرك صحيح ، فالرجوع إليها يكون من التمسك بالعامّ في الشبهة الموضوعية ، ولم يرد خبر ضعيف في رجحان نقل ما لم يثبت كونه فضيلة أو مصيبة ليدعى انجباره بأدلة التسامح ، على انه لو فرض وروده لم ينفع في المقام ، فان القول بغير علم محرم
__________________
(١) المقنع والهداية : ٣٢ (ط. بيروت).