وبالجملة استحقاق العقاب يكون على نفس التجري أعني الفعل المتجري به ، لا على العزم والاختيار كما أفاده في الكفاية (١) ، ووقع لذلك في إشكال استلزامه استحقاق العقاب على أمر غير اختياري ، والجواب عنه بأنّ ذلك يكون من تبعات البعد عن المولى والشقاوة الذاتيّة التي هي نظير إنسانية الإنسان وحمارية الحمار ، وغير قابل للتعليل ، وقد مرّ الجواب عما ذكره في المقام في بحث الطلب والإرادة مفصلا فراجع. وبما تقدم ظهر الحال في الجهة الثالثة أيضا :
تنبيهات :
الأول : لا إشكال في أن القطع من العناوين التي يختلف بها جهات الحسن والقبح ، ويمكن أخذ القطع بحكم في موضوع حكم آخر. ولا إشكال أيضا في أن النسبة بين موضوعات الأحكام وبين القطع من حيث هو عموم من وجه ، فيمكن أن يكون هناك خمر ولم يتعلق به القطع ، كما يمكن أن يقطع بخمرية شيء ولم يكن في الواقع خمر ، ويمكن اجتماعهما كما هو واضح ، نظير عنوان العلم والعدالة مثلا ، ولا مانع من جعل حكمين متماثلين عليهما بأن يجعل على كل من العنوانين حكم مماثل لما جعل على الآخر.
ولكن يظهر من كلام المحقق النائيني قدسسره أن في خصوص عنوان القطع ونفس متعلقه لا يعقل ذلك وان كان بينهما عموما من وجه ، وذلك لاستلزامه اجتماع المثلين في نظر القاطع دائما ، لأن القاطع بخمرية شيء لا يحتمل مخالفة قطعه للواقع ، ففي نظره يكون هناك حكمان متماثلان في محل واحد ، مثلا لو كان شرب الخمر حراما وكان شرب مقطوع الخمرية أو الحرمة أيضا حراما فالحرمة الثانية المأخوذ في موضوعها عنوان القطع لا تصير فعلية إلّا بعد تحقق القطع بالخمرية أو بالحرمة ، وحيث ان
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٣ ـ ١٤.