بين كونه ثابتا من الأول وحدوثه فعلا ، فلو أمكن جعل الحكم الظاهري في مورده والاكتفاء بالامتثال الاحتمالي أمكن في غيره أيضا. وأوضح من ذلك ما إذا علم إجمالا في الوقت اما انه لم يأتي بصاحبة الوقت أو لم يأت بالتي مضى وقتها ، فان العلم بالتكليف الفعلي بإتيان إحدى الصلاتين موجود بالوجدان ، ومع ذلك لا مانع من الرجوع إلى قاعدة الحيلولة في غير ذات الوقت ، والرجوع إلى قاعدة الاشتغال فيها. وان شئت قلت : ان العلم الإجمالي لا يزيد على العلم التفصيليّ ، فكما يجوز أن يكتفي الشارع في مورد العلم بالتكليف تفصيلا بالامتثال الاحتمالي كما في موارد قاعدة الفراغ والتجاوز ، كذلك يجوز له الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي في موارد العلم الإجمالي بطريق أولى.
واما الحل ، فبان موضوع الأصول انما هو الشك ، والتكليف في كل واحد من الأطراف مشكوك فيه ، فان احتمال انطباق الإلزام المعلوم في الجملة عين الشك في التكليف ، بداهة ان التكليف المعلوم بوصف كونه معلوما لا يحتمل انطباقه على شيء من الأطراف ، إذ لا معنى لاحتمال العلم في مورد مع أنه صفة وجدانية لا يعقل الشك فيها ، فلم يبق إلّا احتمال نفس التكليف المعبر عنه بذات المعلوم في كل من الأطراف ، فلا مانع من جعل الحكم الظاهري فيه.
المسألة الثالثة : في شمول دليل الحكم الظاهري لجميع الأطراف وعدمه. وليعلم أن دليل الحكم الظاهري يقسم إلى أقسام ثلاثة : الأمارة والأصل التنزيلي والأصل غير التنزيلي.
اما الأمارات ، فقد عرفت انه يستحيل جعل الحجية لها في جميع أطراف العلم الإجمالي ، من دون فرق بين كون مؤدى الأمارات أحكاما إلزامية وكون المعلوم بالإجمال حكما غير إلزاميّ وبين عكس ذلك.
واما الأصل التنزيلي ، فقد ذكر الشيخ رحمهالله في وجه عدم جريانه ما