مكلف تيقن بحكم ثم شك في بقائه ، ومنشأ الشك في البقاء فيه منحصر بالأمور الخارجية.
إذا عرفت ذلك يظهر لك ان جريان الاستصحاب في محل الكلام إذا كان العذر مقارنا لأول الوقت لا وجه له أصلا ، إذ الحكم في مورده غير متيقن في زمان ليكون الشك في بقائه ، فان اليقين بثبوت الحكم في مقام الجعل وان كان ثابتا إلّا انه غير مرتفع قطعا ، لعدم احتمال النسخ على الفرض. واما الحكم في غير مقام الجعل فلا يقين بثبوته ، إذ المفروض ان التكليف بغير المتعذر من الاجزاء والشرائط مشكوك الحدوث من أول الأمر ، فإذا فرض الفقيه مكلفا تعذر عليه الإتيان بتمام المركب من أول الأمر ، فهو شاك في ثبوت الحكم له ابتداء ، بلا سبق يقين منه ولو بالفرض والتقدير ، فلا يقاس ذلك بالشك في حرمة وطئ الحائض بعد انقطاع حيضها قبل الاغتسال. ولعمري ان ما ذكرناه لواضح لا يكاد يخفى على المحقق المزبور ، إلّا أن الجواد قد يكبوا ، والمعصوم من عصمه الله. هذا ما يقتضيه الأصل العملي.
واما ما تقتضيه الأدلة الخاصة الاجتهادية فهو وجوب الإتيان بالميسور من اجزاء الصلاة وشرائطها ، فانها لا تسقط بحال ، للإجماع المحقق ، ولقوله عليهالسلام «فانها لا تدع الصلاة بحال» (١) نعم إذا كان المتعذر هي الطهارة الحدثية سقط التكليف بالصلاة ، ووجب قضاؤها لأن الطهور مقوم لها ، لقوله عليهالسلام «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) الدال على نفي مشروعيتها بلا طهارة.
واما غيرها من الواجبات العبادية وغيرها ، فقد استدل على وجوب الإتيان بالميسور منها بروايات.
الأولى : رواية أبي هريرة المروية عن طرق العامة قال : خطبنا
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ باب ١ من أبواب الاستحاضة ، ح ٥.
(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ١ من أبواب الوضوء ، ح ٦.