الثاني : إدخالهما تحت منطوق الآية ، وتقريبه : ان التبين كما يحصل بالفحص عن نفس الخبر يحصل بالفحص عن حال المخبر والراوي ، فان إحراز وثاقته قسم من التبين وبعد ذلك يكون العمل بالخبر عملا بالمبين الواضع. ويشهد لهذا بناء العقلاء وعدم ردع الشارع عنه ، بل امره عليهالسلام بالأخذ منهم ، كقوله في بني فضال (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) (١).
فتحصل ان المستفاد من الآية حجية خبر الواحد بجميع اقسامه الأربعة.
ومنها : أي مما استدل به على حجية خبر الواحد آية النفر ، وهي قوله تعالى (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٢) وتقريب الاستدلال بها : ان ظاهر تقابل الجمع بالجمع هو الاستغراق والتفريق ، بمعنى انّ كل واحد من الطائفة ينذر بعضا من قومه ، لا انّ مجموع الطائفة ينذرون مجموع القوم ، كما ان طبع الحال أيضا يساعد على ذلك ، فان الطائفة الخارجة للتفقه إذا رجعوا إلى أوطانهم لا يجتمعون عادة في ناد واحد ليرشدوا القوم دفعة ، وانما يذهب كل منهم إلى خاصته ، فيلقي عليهم الدروس الإلهية ، وعليه فالتفقه والإنذار واجب على كل فرد من افراد الطائفة ، وغاية ذلك هو تحذر المنذورين.
ثم ان ظاهر : الحذر هو التحفظ والتجنب في مقام العمل ، كما يتجنب الخائف ، لا مجرد الخوف النفسانيّ. كما ان كلمة لعل في جميع موارد استعمالاتها ظاهرة في كون ما بعدها علة غائية لما قبلها ، سواء كان امرا خارجيا كقولك : «اشتريت الدار لعلي أسكنها» أم كان حكما مولائيا كما في المقام. وعلى الثاني فان كان ما بعدها امرا غير قابل لتعلق التكليف به كما يقال : «استغفر الله لعله يغفر لك» فيستفاد منها حسن تلك
__________________
(١) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٤٠.
(٢) التوبة : ١٢٢.