اما أولا : فلأنّ حجية القطع ولزوم الحركة على طبقه كانت ثابتة في زمان وجود آدم عليهالسلام وقبل وجود عقلاء في العالم.
وثانيا : انّ حكمهم بتلك القضايا إنما هو في الأمور الراجعة إلى حفظ النظام ، وليس متابعة أوامر الشارع في جميع الموارد دخيلة في حفظ النظام ، مثلا الإتيان بالصلاة ربما يقال : لا دخل له في إبقاء النوع ، ولا يلزم من تركه اختلال أصلا.
فالصحيح : هو القول الآخر وان يقال : انّ وجوب متابعة القطع إنما هو بحكم العقل ، لا بمعنى البعث من القوة العاقلة وإلزامها ، بل بمعنى إدراكه حسن متابعته وقبيح مخالفته وصحة ان يعاقب المولى عبده المخالف لقطعه إذا كان مصادفا للواقع ، واستحالة ذلك إذا كان متابعا لقطعه وإن كان مخالفا للواقع ، وكثيرا ما يطلق الحكم على الإدراك العقلي كما هو واضح ، وعلى هذا فيكون من الأمور النظرية لا من القضايا المشهورة.
ولا يخفى انّ التعبير بموافقة القطع ومخالفته لا يخلو عن مسامحة ، فانّ المراد موافقة المقطوع ومخالفته ، وهذا هو المراد من لزوم متابعة القطع عقلا ، وهو من لوازم القطع القهرية لا الجعلية ، فانّ الإدراك من الأمور التكوينية وهكذا متعلقه وهو استحالة العقاب على تقدير موافقته وإمكانه على تقدير مخالفته ، فانّ كلا من الأمرين غير قابل للجعل التشريعي فتلخص انّ حجية القطع حكم عقلي نظري ، ومن لوازم القطع بهذا المعنى ، فلا تكون مجعولة.
واما الجهة الثالثة : فحيث ان صاحب الكفاية قدسسره تعرض لها بعد مبحث التجري فنحن نتبعه في ذلك ، ونحيل البحث عنها إلى ذلك المبحث.
ثم انك بعد ما عرفت أنّ ذات القطع هو الانكشاف والطريقية وانّ حجية القطع أي صحة احتجاج العبد به على مولاه وبالعكس إنما هي من لوازم القطع سواء كان قطعا حقيقيا أي موافقا للواقع أو خياليا وهو الجهل المركب ، نقول : لا