الردع ، فيصح الرجوع حينئذ إلى الاستصحاب بعد فرض التساقط ، كما يمكن أن يقال : ان الأمر فيه دائر بين تخصيص العمومات بالسيرة السابقة وردع العمومات عنها. واما إذا لم يحرز تمكنه من ذلك ، كما هو الصحيح ، فلا مجال لشيء من الوجهين أصلا ، إذ لم يثبت حينئذ حجية ما قامت عليه السيرة شرعا ليكون قابلة للاستصحاب ، أو يكون قرينة وبيانا للعام المتأخر ، فان السيرة انما تكون قابلة لتخصيص العمومات بعد إمضائها شرعا كما عرفت.
فالصحيح في مقام الجواب أن يقال : ان نسبة السيرة إلى العمومات نسبة الحاكم إلى المحكوم ، فان العمل في موارد السيرة بالحجج العقلائية لم يكن في نظر العقلاء عملا بغير العلم ، ولذا لا ترى أحدا توقف عن العمل بالظواهر بعد نزول هذه الآيات ، وليس ذلك إلّا لأجل انهم يرونها علما ، وإذا كانت السيرة حاكمة على العمومات فلا تعارض بينهما كما هو واضح. ثم ان السيرة العقلائية على العمل بالخبر الموثوق به لا يفرق فيها بين كون الوثوق ناشئا من العلم بوثاقة الراوي في نفسه وبين كونه ناشئا من جهات أخر ، فالخبر المنجبر بعمل المشهور مورد للسيرة العقلائية وان كان راوي الخبر ضعيفا في نفسه.
فتحصل من جميع ما ذكرناه حجية اخبار الآحاد الصحاح والحسان والموثقات كلها
الاستدلال على حجية خبر الواحد بحكم العقل :
الوجه الرابع : مما استدل به على حجية الخبر هو حكم العقل. وتقريره من وجوه.
الأول : انا نعلم إجمالا بصدور جملة من الاخبار المروية في الكتب المعتبرة عند الشيعة ، خصوصا بعد ملاحظة جهد العلماء في تهذيبها ، وإسقاط الضعاف منها ،