لتقديم السيرة وتخصيص العمومات بها.
وثانيا : ان عدم ثبوت الردع غير كاف في تخصيص العمومات بالسيرة ، بل لا بد من إثبات الإمضاء المنكشف من ثبوته عدم الرادع ولو بدعوى ان عدم الدليل دليل العدم ، وإلّا فمجرد السيرة العقلائية من دون إمضاء شرعي لا تكون حجة في إثبات التكليف ، ولا قاطعة للعذر في إسقاطه ، وعليه فيمكن ان يقال : ان الأمر في الحقيقة على خلاف ما أفاده قدسسره فان تخصيص السيرة للعمومات يتوقف على ثبوت الإمضاء ، وهو متوقف على عدم رادعية الآيات المتوقف على التخصيص ، وهذا بخلاف العكس ، لما عرفت من ان حجية العموم لا تتوقف إلّا على عدم ثبوت التخصيص ، لا على ثبوت عدمه.
الوجه الثاني : ما أفاده في الهامش (١) ، وحاصله : انه بعد تسليم صلاحية كل من العمومات والسيرة لرفع اليد به عن الآخر فيتعارضان ، ويتساقطان ، أو القول بعدم صلاحية شيء منهما لذلك تصل النوبة إلى الأصل العملي وهو استصحاب الحجية الثابتة بالسيرة قبل ورود الآيات الناهية عن العمل بغير العلم.
الوجه الثالث : ان حال السيرة مع الآيات الناهية حال الخاصّ المتقدم مع العام المتأخر في دوران الأمر بين أن يكون الأول مخصصا ، أو يكون الثاني ناسخا ، والمتعين هو الأول ، وذلك لأن الخاصّ المتقدم صالح لتخصيص العام ، إذ لا إشكال في جواز تقديم القرينة على ذي القرينة ، ومع وجود ذلك لا ينعقد للعام ظهور في العموم ليكون رادعا أو ناسخا (٢).
ولا يخفى ان تمامية الوجهين الآخرين متوقفة على إحراز تمكن المولى من الردع عن السيرة قبل ورود العمومات ، فانه حينئذ يستكشف إمضاؤه لها من عدم
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٠١.
(٢) المصدر السابق : ١٠٠.