حاصله (١) : أن الشك المأخوذ في صدر دليله وان كان يعم الشك البدوي والمقرون بالعلم الإجمالي ، إلّا أن اليقين المجعول في ذيله ناقضا يشمل العلم الإجمالي أيضا ، ومن الظاهر أن الحكم بحرمة النقض في جميع الأطراف يناقض الحكم بالنقض في بعضها. ويجري ما ذكره في غير الاستصحاب من الأصول غير التنزيلية أيضا فيما أخذ العلم في دليله غاية للحكم المجعول فيه.
ويرد عليه : أولا : أن أدلة الأصول غير منحصرة بما هو مشتمل على تلك الغاية ، ويكفي للقول بجريان الأصل في جميع الأطراف وجود المطلقات غير المشتملة على ذلك الذيل ، فان إجمال دليل من جهة اقترانه بما يصلح للقرينية لا يسري إلى دليل آخر غير مقترن به.
وثانيا : أن الناقض لكل يقين لا بد وأن يكون هو اليقين المتعلق بعين ما تعلق به اليقين السابق ، وفي مفروض المقام كان اليقين السابق متعلقا بكل واحد من الأطراف بخصوصه ، ومن الظاهر أن متعلق العلم الإجمالي ليس ذلك ، فكيف يعقل نقضه لليقين السابق؟! وعليه فلا مانع من شمول أدلة الأصول لجميع الأطراف لو لا المانع الثبوتي ، ومن هنا نلتزم بجريانها فيما لم يلزم منه المخالفة العملية ، كما إذا كان المعلوم حكما غير إلزاميّ ، ونمثل له بمثالين.
الأول : ما إذا كان هناك مائعان مسبوقان بالنجاسة ، فعلم طهارة أحدهما إجمالا ، فانه يجري استصحاب النجاسة في كل منهما.
الثاني : ما إذا علم جواز النّظر إلى إحدى المرأتين ، فان قاعدة الاحتياط في الأعراض تجري في كل منهما.
المسألة الرابعة : في شمول أدلة الأصول لبعض الأطراف دون بعض وعدمه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٠٤ ، ٧٤٤ ـ ٧٤٥ (ط. جامعة المدرسين).