وملخص الكلام في قطع القطاع يقع في مقامين :
الأول : في إمكان النهي عن عمل القطاع بقطعه.
الثاني : في إمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنة.
أما المقام الأول : فتحقيق الحال فيه انه ان أريد من القطاع من يحصل له اليقين كثيرا لكونه عالما بالملازمات في غالب الأشياء وبثبوت ملزوماتها أما بالعلم اللدني كما في الإمام وبعض الأولياء ، وأما بالعلم الاكتسابي ، وأما بالفراسة وغير ذلك كما في الطبيب الّذي يعلم بحصول اليرقان في شخص لعلمه بصفرة وجهه وبالملازمة بين الأمرين ، بخلاف غير الطبيب فانه لا يحصل له هذا القطع لعدم علمه بالملازمة ، فمن الواضح ان القطاع بهذا المعنى يشترك مع غيره القاطع ، ولا معنى للمنع عن العمل بقطعه. وان أريد به من يحصل له القطع من غير الأسباب المتعارفة كما هو الظاهر ، فهو وإن أمكن أن يلتفت إلى أن نوع قطعه يحصل من أسباب غير عادية ، إلّا أنه لا يحتمل حصول كل فرد بخصوصه من سبب غير متعارف ، ولا يمكن أن يلتفت إلى أن شخص القطع الحاصل من السبب الخاصّ مما لا ينبغي حصوله منه ، إذ القاطع بشيء يرى مقطوعه بديهيا أو أنه منته إلى البديهي ، وعليه فلا أثر للمنع عن العمل بقطع حاصل من سبب غير عادي ، فمنع القطاع عن العمل بالقطع الطريقي غير ممكن ، لأن طريقية القطع ذاتية ، وأما المأخوذ في الموضوع فيمكن دعوى انصرافه عن قطع القطاع ، إلّا أن انصرافه عنه لا أثر له كما عرفت.
وأما المقام الثاني : فالكلام فيه تارة يقع صغرويا ، وأخرى كبرويا.
أما الصغرى فربما يقال : أن مراد الأخباريين من المنع عن العمل بغير الكتاب والسنة هو المنع عن حصول القطع من غيرهما ، وهذا القول وان كان يشهد له كلمات بعضهم إلّا أن كلام جملة منهم صريح في المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنة بعد حصوله.