العمل. نعم لو كان المعتبر في العبادة قصد خصوص امرها العبادي ، أو كانت أوامر الاحتياط متعلقة بالعمل المأتي به بداعي احتمال الأمر الواقعي لكان اللازم فيما نحن فيه إتيان العمل بقصد الأمر الواقعي رجاء ، لكنك عرفت انه خلاف الواقع ، وعليه فلا حاجة إلى ما ذكره الشيخ رحمهالله من انّ الأمر بالاحتياط في العبادات تعبدي ، وفي غيرها توصلي كما هو الحال في الأمر المتعلق بالوفاء بالنذر ، فانك قد عرفت ان الأوامر مطلقا توصلية ، غاية الأمر ان متعلق بعضها مقيد بقصد القربة ، فعدم سقوط الأمر عند عدم قصد القربة انما هو لأجل عدم الإتيان بالمأمور به كما هو الحال في بقية الشرائط.
التنبيه الثالث : لقد استفاضت الاخبار الدالة على الحث نحو العمل بمجرد بلوغ الثواب عليه ، حتى عقد لها في أول الوسائل بابا ، وذكر تسعة روايات (١) ، فلا وجه للمناقشة في سندها ، مع ان بعضها صحيحة ، غير انا نذكر منها حديثين (٢) تيمنا.
في الكافي بسنده إلى محمد ابن مروان قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب ، أوتيه ، وان لم يكن الحديث كما بلغه». وفيه بسنده إلى هشام ابن سالم عن الصادق عليهالسلام «قال : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه ، كان له ، وان لم يكن على ما بلغه».
والبحث في هذه الاخبار يقع من جهات :
الأولى : في مفادها. والمحتمل فيه وجوه ثلاثة.
الوجه الأول : أن يكون إرشادا إلى حكم العقل بحسن الانقياد وترتب الثواب على الإتيان بالعمل الّذي بلغ عليه الثواب ببلوغ وجداني أو تعبدي صحيح ، الّذي هو معنى البلوغ حقيقة ولو لم يكن الأمر كما بلغ ، ولا تكون ناظرة إلى
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ١٨ من أبواب مقدمة العبادات.
(٢) أصول الكافي : ٢ ـ ٨٧ ، باب من بلغه ثواب من الله على عمل.