جعل انتهاء أمد الترخيص التبين من غير أن يكون له دخل في ذلك ، ومنها قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(١) بناء على أن يكون المراد المشاهدة لا حضور الشهر ، فانه ليس لمشاهدة الهلال دخل في وجوب الصوم ، ولذا يجب الصوم على من علم بدخول الشهر أو قامت عنده حجة على ذلك ولو لم يشاهد الهلال إلى غير ذلك من الأمثلة ، فالميزان في القطع الموضوعي ما ذكرناه.
والبحث في المقام يقع في جهات :
الأولى : ان الشيخ رحمهالله قسم القطع الموضوعي إلى قسمين : ما يكون مأخوذا في الموضوع على نحو الصفتية ، وما يكون مأخوذا فيه على نحو الطريقية والكاشفية (٢). وقسّم في الكفاية كلّا من القسمين إلى قسمين آخرين ، فالأقسام تكون أربعة (٣) : المأخوذ بنحو الصفتية جزء للموضوع وتمامه ، وبنحو الكاشفية جزء الموضوع وتمامه.
الجهة الثانية : في بيان تقسيم الشيخ وتقريبه. لا يخفى ان العقل بالملكة إذا صار عقلا بالفعل ، ومعناه أن قابلية الإدراك إذا خرجت عن القابلية وصارت إدراكا فعليا تكون من الصفات الحقيقية التعلقية ، أي ذات الإضافة والتقييد بالحقيقة احترازا عن الأمور الإضافية المحضة التي لا واقع لها في الخارج ، فانّ العلم ليس كذلك بل هو صفة حقيقية قائمة بالنفس ، وحيث انّ حقيقته الانكشاف يكون من الأوصاف التعلقية ذات الإضافة ، نظير الجهل والقدرة والعجز وأمثال ذلك من الأوصاف التي لا تتحقق إلّا متعلقة بشيء ، ففيه جهتان : جهة كونه صفة قائمة بالنفس وجهة كونه مضافا إلى ما في الخارج وانكشافا له. والأغراض العقلائية تارة : تتعلق
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.
(٢) فرائد الأصول : ١ ـ ٥٢ ـ ٥٣ (ط. جامعة المدرسين).
(٣) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٨.