الالتزامية ، فان ذلك مستلزم للدور الواضح ، إذ شمول الإطلاق لكل فرد متوقف على ثبوت أثر مترتب عليه ، والمفروض أن الأثر أيضا متوقف على التنزيل وشمول الإطلاق لهذا الفرد ، والمقام من هذا القبيل ، ويترتب على هذا الكبرى أمور مهمة ، منها عدم شمول أدلة الأصول لمثبتاتها كما يأتي تفصيله إن شاء الله.
ثم لا يخفى أن صاحب الكفاية ذكر في الأمر الرابع (١) ما حاصله : أنه يمكن أخذ القطع بالحكم بمرتبة منه في مرتبة أخرى من نفسه أو من ضده أو من مثله ، وقد عبر عن هذه الأحكام بالفعلي لا من جميع الجهات ، وصرح به في غير موضع من كتابه.
والتحقيق أن يقال : أن صحة أخذ القطع بالحكم بمرتبة في المرتبة الأخرى تبتني على مبناه في مراتب الحكم من الاقتضائي والإنشائي والفعلي والمنجز ، ولكنه بمعزل عن التحقيق ، إذ ليس للحكم إلّا مرتبتان ، مرتبة الجعل والإنشاء بداعي البعث والتحريك بنحو القضية الحقيقية ومرتبة خروجه من التقدير إلى الفعلية والتحقق الخارجي وهي تكون بفعلية موضوعه ، وأما الحكم الاقتضائي والإنشائي بمعنى الإنشاء قانونا أو امتحانا وأمثال ذلك فليس من مراتب الحكم ، وليس الإنشائي بهذا المعنى قابلا لأن يصير فعليا أصلا ، بل ليس حكما حقيقة ، وحيث أن المقام ليس مقام إبطال ما ذكره فنحيل ذلك إلى محله.
وبالجملة فبناء على مبناه يكون ما أفاده متينا ، وأما على المبنى الصحيح من أنه ليس للحكم إلّا مرتبتان ، مرتبة الجعل ومرتبة المجعول ، فيستحيل ذلك ، ولا يمكن أخذ القطع بمرتبة جعل الحكم في مرتبة فعليته أصلا بأن يجعل الحكم لعنوان القاطع بنحو القضية الحقيقية ، وذلك لأن المراد من القطع بالحكم الجعلي ليس القطع بالحكم
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٥.