العقاب بلا بيان لإثبات عدم استحقاق العقاب في فرض عدم البيان ، مما لا وجه له ، فان ذلك مما لم ينكره أحد ، ولا خلاف فيه بين الأصوليين وغيرهم ، فالكبرى مسلمة عند الكل. وانما الخلاف في الصغرى ، حيث ذهب الأخباريون إلى تمامية البيان ، وقيام الحجة على التكاليف الواقعية المحتملة من وجهين.
الأول : العلم الإجمالي بثبوت أحكام إلزامية ، وهو يقتضي الاحتياط.
الثاني : الأخبار الواردة في التوقف عند الشبهة والآمرة بالاحتياط فيها ، فانها بيان وحجة على الواقع المشكوك فيه.
وإذا تم لنا إبطال الوجهين ، بإثبات انحلال العلم الإجمالي بما عثرنا عليه من أحكام في الأخبار ، وبما سنبينه من عدم دلالة أخبار التوقف على وجوب الاحتياط ، وافقنا الأخباري في القول بالبراءة وعدم استحقاق العقاب. فالمهم لنا البحث من ناحيتين.
الأولى : في دلالة تلك الأخبار على وجوب الاحتياط والوقوف عند الشبهة. ونتعرض لهذه الجهة عند ما نذكر أدلة الأخباريين.
الثانية : فيما ورد من الروايات الدالة على جواز الاقتحام عند الشبهة ، وانه لا تعارضها اخبار التوقف على تقدير تسليم دلالتها على وجوب الاحتياط ، وهي اخبار كثيرة.
الاستدلال على البراءة بالروايات
حديث الرفع
منها : حديث الرفع المروي في الخصال بسند صحيح عن حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ،