الصحة والوضوح ، وأما أخذه تمام الموضوع فلا يمكن ، لأنه من قبيل الجمع بين متناقضين ، فان معنى أخذه بنحو الانكشاف عن الخارج هو أن لثبوت المنكشف دخلا في تحقق الحكم ، ومعنى كونه تمام الموضوع أنه لا دخل للواقع في تحقق الحكم ، وأنه يترتب على القطع سواء كان هناك واقع أم لم يكن ، وبعبارة أخرى : الانكشاف وان كان ذاتيا للقطع ، بل كما عرفت ذاته هو الانكشاف ، ولكن الانكشاف إنما يكون في فرض ثبوت المنكشف واقعا ، وإلّا فلا انكشاف ، بل هو تخيل الانكشاف ليس إلّا. وبالجملة أخذ العلم بلحاظ كشفه عن المعلوم بالذات يرجع إلى أخذه بنحو الصفتية ، وأخذه بلحاظ كشفه عن الخارج يستلزم دخل الواقع في الحكم أيضا ، فلا معنى حينئذ لكونه تمام الموضوع.
فالتحقيق : هو تثليث الأقسام كما أفاده المحقق النائيني (١) ، وبالقطع الطريقي المحض تكون الأقسام أربعة.
مدى قيام الأمارات والأصول مقام القطع :
ثم لا كلام في أن الطرق والأمارات والأصول المحرزة تقوم مقام القطع الطريقي المحض بنفس أدلة حجيتها ، ويترتب عليها جميع الآثار المترتبة عليه من تنجيز الواقع به إذا أصاب ، وكونه عذرا إذا أخطأ ، وكون مخالفته تجريا وموجبا لاستحقاق العقاب إلى غير ذلك من الآثار المترتبة على القطع الطريقي ، مثلا إذا قامت إمارة على حرمة شيء يكون منجزا للواقع ولو كانت مخالفة للواقع ، وإذا قامت على عدم وجوب شيء يكون معذرا ولو كان في الواقع واجبا ، وجميع هذه الأمور شأن القطع الطريقي.
وإنما الخلاف في قيامها مقام القطع الموضوعي بنفس تلك الأدلة ، والأقوال
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ١٠ ـ ١١.