وبالجملة المورد من صغريات كبرى تزاحم الملاكين ، فإذا فرض تقدم ملاك التحفظ على الواقع في موارد إصابة الأمارة كان التعبد بها حسنا وان استلزم تفويت الملاك الواقعي في بعض الموارد. هذا كله في فرض انسداد باب العلم.
وأما إذا فرضنا انفتاحه وإمكان الوصول إلى الواقع ولو بسؤال الإمام عليهالسلام ، فالمكلف مع تمكنه من إحراز الواقع قد يعتمد على اطمئنانه ، أو يحصل له القطع من مقدمات خارجية فلا يصل إلى الواقع ، وقد لا يكون كذلك ، فالشارع العالم بالواقعيات ان علم بعدم وصول المكلف إلى الواقع خارجا لا مانع له من التعبد بغير العلم فيما إذا علم كونه أكثر مطابقة للواقع من القطع أو الاطمئنان الحاصل للمكلف.
وهذا الفرض ملحق حكما بصورة انسداد باب العلم ، فان مجرد إمكان الوصول إلى الواقع من دون وقوعه في الخارج لا أثر له في المنع عن التعبد بغير العلم.
واما فيما إذا فرض وصول المكلف إلى الواقع على تقدير عدم حجية الأمارة ، فاما نلتزم بكون حجية الأمارة من باب السببية والموضوعية ، أو نلتزم بكونها من باب الطريقية المحضة.
أما على الأول : فلا ينبغي الإشكال في جواز التعبد بالأمارة غير العلمية ، وتوضيح ذلك : أن السببية تتصور على ثلاثة أقسام :
الأول : السببية على مسلك الأشعري ، وهي أن لا يكون مع قطع النّظر عن قيام الطرق حكم أصلا ، بل يكون قيامها سببا لحدوث مصلحة في المؤدى مستتبعة لثبوت الحكم على طبقها. وعلى هذا يرتفع الإشكال على نحو السالبة بانتفاء الموضوع ، إذ عليه ليس في الواقع حكم ليلزم تفويته على المكلف.
ولكن السببية بهذا المعنى غير معقولة في نفسها ، لاستلزامه الدور ، إذ قيام الأمارة على الحكم فرع ثبوته ، فكيف يتوقف على قيامها على ثبوته ، ومخالف للإجماع والروايات الدالة على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل ، ومن قامت