ثم إنه قد عبر في خبر عبد الله ابن سنان عن موضوع الحل بعنوان الشيء ، ويحتمل أن يراد به الشيء الخارجي الشخصي ، كما يحتمل أن يراد به الكلي. وعلى الأول لا مناص من الالتزام بنوع من الاستخدام ، ويكون المعنى حينئذ ان كل موجود خارجي يكون نوعه منقسما إلى حلال وحرام فهو حلال حتى تعرف الحرام من ذلك النوع بعينه ، وعلى الثاني كان معناه ان الشيء الكلي الّذي بعض مصاديقه حلال وبعضها حرام واقعا حلال ظاهرا حتى تعرف الحرام منه بشخصه ، وعلى التقديرين لا يراد من لفظ الشيء الحكم ، بل لا بد وان يراد به الموضوع لمكان التقسيم والظرفية.
واما ما أفاده المحقق النائيني (١) في المقام من ان ظاهر لفظ الشيء هو الموجود الخارجي لا المفهوم الكلي وحيث انه لا معنى لانقسامه إلى الحرام والحلال ، كان ذلك قرينة على ان المراد من التقسيم هو الترديد ، فلا يكون اشتمال الخبرين على التقسيم قرينة على اختصاصها بالشبهات الموضوعية ، فيرد عليه.
أولا : ان الشيء كما يطلق على الموجود الخارجي ، يطلق على المفهوم الكلي ، فيقال مفهوم الإنسان شيء ممكن ، وشريك الباري شيء مستحيل ، فلا وجه لدعوى ظهوره في الموجود الخارجي.
وثانيا : لو سلمنا ان المراد به الموجود الخارجي فظهور الكلام في التقسيم الفعلي خصوصا بضميمة قوله عليهالسلام «حتى تعرف الحرام منه بعينه» الظاهر في كون كلمة من فيه تبعيضية ، قرينة على الاستخدام ، ولا ضير في الالتزام به بعد شيوعه. ثم ان التقسيم الفعلي وان كان متصورا في الشبهة الحكمية أيضا ، فاللحم مثلا فيه حلال وهو لحم الغنم وحرام وهو لحم الأرنب ومشكوك فيه وهو لحم الحمار ، إلّا ان ظاهر
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ١٨٤ ـ ١٨٥.