بالكلية ، وهو خلاف ظاهر أدلته. هذا مضافا إلى أن تخصيص وجوب الحذر بموارد الاطمئنان من التخصيص بالفرد النادر ، وهو مستهجن.
وثانيا : ان ما ذكر من عدم حصول إطلاق للآية من حيث وجوب الحذر خلاف الظاهر ، فان ظاهر الآية المباركة هو بيان وظيفة المنذرين والمنذرين ، فكما ان إطلاقها يقتضي وجوب الإنذار ولو مع العلم بعدم حصول اليقين بصدقة ، كذلك يقتضي وجوب الحذر في فرض احتمال كذب المنذر أو خطائه. هذا مضافا إلى أنّ الأصل في كلام كل متكلم أن يكون في مقام البيان ، ولا بد للمانع عن التمسك بالإطلاق من إثبات عدم كون المتكلم في مقام البيان ، وانّى له بذلك.
الثاني : ان الإنذار بمعنى التخويف وظيفة الواعظ والمفتي ، فان الواعظ ينذر الناس بالأمور الواضحة المسلمة ، كما ان المفتي ينذرهم بالأمور النظرية الخلافية بعد الاستنباط ، واما مجرد نقل الخبر فلا إنذار فيه ، إذ ربما ينقل الراوي مجرد الألفاظ من دون فهمه المعنى لينذر به ، وقد ورد عنهم عليهمالسلام «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
وفيه : انه ان أريد بالإنذار الإنذار الاستقلالي فالراوي وان خرج عن مورد الآية إلّا انه يستلزم انحصاره بالواعظ الّذي ينذر ابتداء ، ولا يعم المفتي ، وهو مناف لقوله تعالى (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) وان أريد به ما يعم الإنذار الضمني فالراوي أيضا يكون منذرا بنقله الرواية فتكون الرواية ، حجة عند تحقيق الإنذار بها ، وبعدم القول بالفصل يثبت حجية مطلق الرواية ولو مع عدم تحقق الإنذار بها ، كما إذا لم يكن الراوي ملتفتا إلى معنى الرواية لكونه عاميا أو الرواية مجملة.
الإيراد الثالث : ان الإنذار الّذي رتب عليه وجوب الحذر انما هو الإنذار عن تفقه ومعرفة في الدين ، لا مطلق الإنذار ولو كان ناشئا عن غير التفقه ، فيختص مورد الآية بما إذا أحرز كون الإنذار ناشئا عن التفقه ، وبدونه يكون التمسك بالآية من التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية.