أغلب الروايات التي بأيدينا وهي محل البحث ليس عليها شاهد من كتاب الله ، ولا من السنة المحكمة ، وإلّا لما احتجنا إلى التمسك بالخبر والاعتماد عليه.
وفيه : انها معارضة باخبار دالة على حجية خبر الواحد في الجملة ، ونعلم أيضا بصدور اخبار لا شاهد عليها من الكتاب ولا من السنة القطعية ، بل مخالفة للكتاب بنحو العموم والخصوص ، ومع هذا كيف يمكننا الأخذ بظاهر تلك الاخبار ، فلا بد من حملها على أحد وجوه.
منها : حملها على المخالفة بالتباين لا بالعموم والخصوص ، لكثرة ورود المخصصات من الروايات على عموم القرآن ، والمقيدات على إطلاقه ، كقوله عليهالسلام : (لا ربا بين الوالد والولد) (١) المقيد لإطلاق قوله تعالى (وَحَرَّمَ الرِّبا)(٢) فالأخذ بإطلاق أدلة المنع يستلزم تخصيص الأكثر ، مع ان سياقها آب عن التخصيص ، لوضوح استهجان ان يقال : ما خالف قول ربنا لم نقله إلّا في خمسة موارد مثلا.
ولا يرد على الحمل المتقدم ما أشكل به الشيخ رحمهالله من ان الدساسين لم يضعوا ما ينافي الكتاب بالتباين ، لعلمهم بان ذلك لا يصدق منهم ، وذلك لأن الواضعين كانوا يدسون تلك المجعولات في كتب الثقات من أصحاب الأئمة ، ولم ينقلوها بأنفسهم ، لعدم القبول منهم ، وقد لعن الصادق عليهالسلام المغيرة على ما روى ، لأنه دس في كتب أصحاب أبيه عليهالسلام أحاديث كثيرة.
ومنها : حملها على ما نسب إليهم في أصول الدين مما لا توافق مذهب الشيعة ، وقد كان ذلك كثيرا ، ولكن لا يوجد منها في الكتب الأربعة ونظائرها إلّا قليل ، لأنها مهذبة.
ومنها : حملها على صورة التعارض ، وفي بعضها قرينة على ذلك ، ويستفاد منه
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٢ ـ باب ٧ من أبواب الرّبا.
(٢) البقرة : ٢٧٥.