ترتب العقاب على القصد (١) وانّ نية السوء لا تكتب (٢) فتقع المعارضة بين الطائفتين. والشيخ قدسسره جمع بينهما بحمل الطائفة الأولى على القصد المستتبع للاشتغال ببعض المقدمات والثانية على القصد المجرد عن ذلك (٢) ، ولكنه لا شاهد عليه ، فيكون جمعا تبرعيا.
والصحيح ان يجمع بينهما بحمل الطائفة الثانية على القصد الّذي ارتدع الإنسان بنفسه عنه والأولى على ما إذا لم يرتدع بنفسه حتى إذا شغله شاغل خارجي ، والشاهد على هذا الجمع هو النبوي المشهور من أنه «إذا التقى المسلمان بسيفهما ، فالقاتل والمقتول في النار ، قيل : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لأنه أراد قتل صاحبه» (٣) ، فانّ ظاهر التعليل هو إرادة القتل مع عدم حصول الرادع له عن نفسه ، وانّ عدم تحقق القتل منه كان لعدم تمكنه على ذلك ، وبعبارة أخرى : حيث ان كل رواية تكون نصا في موردها ، ومورد النبوي إنما هو قصد القتل مع عدم انقداح رادع له عن نفسه فيكون نسبته مع الطائفة الثانية من الروايات نسبة الخاصّ إلى العام فبه تخصص تلك الأخبار ، وتختص بصورة تحقق الرادع له عن نفسه ، فتنقلب النسبة بينها وبين الطائفة الأولى من الروايات من العموم من وجه إلى العموم المطلق ، فتخصص الطائفة الأولى بالطائفة الثانية فيخرج صورة وجود الرادع عن قصد السوء عن الروايات الدالة على المؤاخذة على القصد وتبقى الصورة الأخرى تحتها ، فالمقام من صغريات مبحث انقلاب النسبة ، ونتعرض
__________________
(١) لا يبعد أن يكون تلك الروايات ظاهرة في انّ نفس المعصية لا تكتب بمجرد قصدها ، لا انّ القصد لا يكتب ، فراجع الأخبار ، وعليه فلا تعارض أصلا.
(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ٦ من أبواب مقدمة العبادات ، ح ٨.
(٣) فرائد الأصول : ١ ـ ٥٩ (ط. جامعة المدرسين).
(٤) وسائل الشيعة : ١١ ـ باب ٦٧ من أبواب جهاد العدو.