وجود هذه الصفة النفسانيّة ، وذلك ظاهر.
وثانيا : لا دليل على تنزيل الأمارات منزلة القطع من تلك الجهة ، كما لا يستفاد ذلك من أدلة حجية الأمارات أيضا على ما عرفت.
وأما قيامها مقام القطع الطريقي المحض والمأخوذ في الموضوع بنحو الكاشفية فبناء على القول بجعل المؤدى عند قيامها على الحكم أو على موضوعه فيشكل ذلك ، لأن لازم جعل المؤدى أن يكون كل من المؤدى والواقع ملحوظا استقلالا وكل من الطريق والقطع ملحوظا آليا ، ولازم جعل الطريق منزلة القطع أن يلحظ كل منهما استقلالا ، فيلزم الجمع بين اللحاظين ، وهو محال ، ولكن هذا المبنى بمراحل عن الواقع.
أما أولا : فلأنه مستلزم للتصويب ، وهو خلاف مذهب العدلية.
وثانيا : لا دليل على جعل المؤدى أصلا ، إذ غاية ما يستفاد من الأدلة مثل قوله عليهالسلام : «فما أدّيا إليك عني فعني يؤديان» (١) أو قوله عليهالسلام : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا» (٢) إلى غير ذلك ليس إلّا التصديق بصحة أخبارهم التي كانت مشكوكة ، ولا اشعار في شيء منها إلى جعل المؤدى أصلا ، فيدور الأمر بين أن يكون المجعول هو المنجزية والمعذرية كما ذكره في الكفاية ، وقد عرفت أنه غير صحيح ، لكونه مستلزما لتخصيص حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وبين ما اخترناه من كون المجعول تتميم الكشف والوسطية في الإثبات ، وعليه فيترتب بذلك آثار الواقع على المؤدى لكونه منكشفا بالانكشاف التعبدي وآثار القطع على نفس الطريق بالأولوية.
ثم الظاهر أن اليقين المأخوذ في دليل الاستصحاب مثل قوله عليهالسلام «لا تنقض
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة : ١ ـ باب ٥ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ح ٣.