أيضا باق على حاله ، سواء صادفه الطريق أم لم يصادفه من دون أن يوجب ذلك توسعة أو تضييقا فيه. نعم يكون للأمارات حكومة على الواقع حكومة ظاهرية ، أي حكومة في طريق إحرازه ، فانّ الطريق أولا كان منحصرا في القطع وبعد جعل الطرق توسعت دائرة المحرز ، فلا يترتب على الطريق بعد تتميم الكشف إلّا ما كان يترتب على القطع ، وكما يأتي انكشاف الخلاف في القطع كذلك يأتي في الطريق ، غاية الأمر يكون المكلف حينئذ معذورا كما في فرض القطع ، هذا بخلاف القول بجعل المؤدى ، فانه مستلزم للتصويب وتبعية الواقع لقيام الطريق ، إذ عليه متى قامت أمارة على خمرية الماء مثلا يكون ذلك الماء خمرا تعبدا ، ويترتب عليه حكمه ، وليس فيه كشف خلاف أصلا.
إذا عرفت ذلك تعرف أنه على المبنى الصحيح لا يلزم من تنزيل شيء منزلة القطع بكلا قسميه بتنزيل واحد محذور الجمع بين اللحاظين أصلا ، إذ لا يتوقف ذلك إلّا على لحاظ الطريق استقلالا وتتميم كشفه ، فيترتب عليه جميع آثاره من العقلية والشرعية.
وتلخص من جميع ما ذكرناه أن تنزيل شيء منزلة القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الصفتية وان كان ممكنا ولا مانع منه ، ولكن.
أولا : لم نجد موردا يكون القطع فيه مأخوذا كذلك ، وما مثل به الشيخ قدسسره (١) لذلك مثل القطع المأخوذ في باب الشهادة بقوله عليهالسلام : «على مثلها فاشهد أو دع» (٢) أو المأخوذ في حفظ الأوليين من الركعات بقوله عليهالسلام : «حتى تثبتهما» (٣) فقد ذكرنا أنه مأخوذ على وجه الكاشفية لا الصفتية ، إذ النّظر في الموردين يكون إلى الواقع لا إلى
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ٥٣ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٢٠ من أبواب الشهادات ، ح ٣.
(٣) وسائل الشيعة : ٥ ـ باب ١ من أبواب الخلل في الصلاة ، ح ١٥.