في محله. فعلى أي حال لا معنى لجعل المنجزية والمعذرية ابتداء ، بل المجعول في الطرق والأمارات هو الوسطية في الإثبات أو تتميم الكشف أو الطريقية ، وما شئت فعبر ، فان المراد واحد.
بيان ذلك : أن القطع فيه جهتان : إحداهما : جهة كونه صفة في النّفس رافعا للاضطراب والتحير ، وهذا أمر تكويني غير قابل للجعل والاعتبار ، ثانيهما : جهة كونه انكشافا للواقع ، والطرق والأمارات ، منزلة منزلته من هذه الجهة لا من الجهة الأولى ، ولذا يكون التحير النفسانيّ بعد التعبد وقيام الطريق أيضا باقيا على حاله ولا يزول بالتعبد ، فتأمل.
ومعنى التنزيل من الجهة الثانية أن الأمارات التي كانت لها كاشفية ناقصة ألغى الشارع نقصانها تعبدا فصارت كاشفا تاما ، وتوضيحه : هو أن المجعولات الشرعية غير منحصرة بالأحكام التكليفية الخمسة ، بل هناك قسم آخر يسمى بالأحكام الوضعيّة نظير الملكية والزوجية وأمثال ذلك ، والملكية عبارة عن السلطنة على الشيء ، وهي تارة تكون خارجية ، وأخرى اعتبارية شرعية من دون أن يكون في الخارج سلطنة ، ولذا ربما تعتبر بين شيئين أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب بحيث لا يجتمعان خارجا فضلا عن تحقق السلطنة الخارجية لأحدهما على الآخر ، ومن هذا القبيل الكاشفية والطريقية ، فالكاشف الخارجي الحقيقي هو القطع ، والكاشف الاعتباري هو الطرق والأمارات التي اعتبر لها الشارع الكاشفية التامة بعد ما كانت كاشفيتها ناقصة وجعلها كالقطع ، وبنفس هذا الاعتبار والتنزيل تترتب آثار الواقع على مؤداها ، لا من جهة جعل المؤدى ، بل لكونه محرزا تعبدا ، وتترتب آثار نفس القطع على نفسها بالأولية والأولوية ، فتكون منجزة للواقع ومعذرة عنه ، ويلتئم منها الموضوع المأخوذ فيه القطع على وجه الطريقية.
ثم لا يخفى أن إشكال التصويب لا يرد على ما ذكرناه ، فان الواقع بعد التنزيل