العلم عند إرادة العمل بخبر الفاسق ، لا وجوب العمل على طبق العلم ليكون حكم الشارع به إرشاديا.
الرابع : من وجوه الإشكال ان مورد الآية هو الاخبار بارتداد بني المصطلق ، ولا إشكال في عدم الاعتداد بخبر الواحد إذا كان المخبر به هو ارتداد شخص واحد فضلا عن ارتداد جماعة ولو كان المخبر عادلا ، فلو كان للآية مفهوم وجب تخصيصه بغير المورد ، وهو أمر مستهجن.
وأجاب عنه الشيخ رحمهالله بما حاصله (١) : ان الموضوع لوجوب التبين عن النبأ هو طبيعي الفاسق ، لا الفاسق الواحد ، فيلزم ان يكون الموضوع في المفهوم أيضا طبيعي العادل ، وإطلاقه شامل للواحد والأكثر ، إلّا انه قيد في خصوص المورد بالتعدد ، ولا يخرج بذلك عن المفهوم.
وأورد عليه بعض الأعاظم بما ذكره سابقا من ان التبين ان كان بمعنى العلم كان الأمر إرشاديا. وان كان مجرد الوثوق لزم خروج المورد عن الحكم المستفاد من المنطوق ، ضرورة عدم جواز الاعتماد على خبر الفاسق الموثوق به في مثل ذلك ، وهو قبيح.
وفيه : مضافا إلى ما تقدم من ان الواجب في الآية هو تحصيل العلم ، لا العمل به ، انّ معنى التبين لغة هو الظهور والوضوح ، يقال : بان الشيء وتبين إذا ظهر ، فالامر بالتبين امر بطلب الظهور والوضوح ، والظهور الطبعي انما يكون بالعلم الوجداني ، واما في غيره فان دل دليل على التعبد به وتنزيله منزلة العلم فهو ظهور تعبدا ، وعليه فعدم لزوم التبين عن خبر العادل الثابت بالمفهوم يدل بالملازمة العرفية على حصول الوضوح به ، كما ان ما دل على اعتبار البينة في الموارد الخاصة يفيد عدم كون خبر
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ١٧٢ (ط. جامعة المدرسين).