المنفعة.
الثالث : الحكم بالتخيير بينهما شرعا.
الرابع : ما اختاره في الكفاية (١) من الرجوع إلى أصالة الإباحة شرعا ، والتخيير بينهما عقلا ، لعدم خلو المكلف تكوينا من الفعل أو الترك.
الخامس : ما اختاره المحقق النائيني (٢) من الحكم بالتخيير بينهما عقلا فقط من دون أن يكون المورد محكوما بحكم ظاهري شرعا.
والصحيح : منها هو الأول ، لعموم أدلة البراءة ، وعدم ثبوت ما يمنع من شمولها ، ويتضح هذا ببيان ما في سائر الأقوال.
اما القول الثاني : فيرد عليه.
أولا : منع أولوية دفع المفسدة من جلب المنفعة مطلقا ، لعدم دليل من الشرع أو العقل على ذلك.
وثانيا : انه لو تم فانما يتم فيما إذا كانت المفسدة والمصلحة معلومتين ، واما فيما لم يعلم فيه المفسدة أصلا وكان الموجود احتمالها فلا نسلم أولوية رعاية جانب المفسدة على جانب المصلحة ، لأنك قد عرفت عدم لزوم رعاية احتمال المفسدة مع القطع بعدم وجود المصلحة ، كما إذا دار الأمر بين الحرمة وغير الوجوب ، فكيف يحكم بلزوم رعاية احتمال المفسدة مع احتمال المصلحة أيضا.
واما القول الثالث : وهو الحكم بالتخيير شرعا ، ففيه : انه أن أريد به التخيير في المسألة الأصولية ، أعني الأخذ بأحد الحكمين والإفتاء على طبقه ، نظير الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين فلا دليل عليه ، وقياس المقام على الخبرين المتعارضين مع الفارق ، لوجود النص هناك دون المقام ، فالقول به تشريع محرم. وأن أريد به التخيير
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٠٣.
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ٤٤٤ ـ ٤٤٥.