إلّا أن يكون في مورده مؤمن من العقاب عقلا كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، أو شرعا كالأدلة الشرعية الدالة على البراءة من حديث الرفع ونحوه ، فكلما استقل العقل في مورد بقبح العقاب أو ثبت ترخيص شرعي فيه في الارتكاب كان عدم العقاب فيه متيقنا لا محالة، فلا يبقى إلّا صرف احتمال ثبوت التكليف الواقعي المجرد من احتمال العقاب على مخالفته ، فلا يكون منجزا. واما إذا لم يثبت شيء من الأمرين ، فاحتمال العقاب يكون موجودا لا محالة ، فلا بد من التحرز عنه بحكم العقل ، ويترتب على ذلك ان تنجيز العلم الإجمالي في الحقيقة يدور مدار جريان الأصول في جميع أطرافه أو في بعضها وعدمه ، فان اخترنا جريانها في جميع الأطراف سقط العلم عن التنجيز مطلقا ، وكان وجوده كعدمه. وان قلنا : بعدم جريانها في شيء من الأطراف كان احتمال التكليف بنفسه منجزا له بلا حاجة إلى البحث عن حال العلم الإجمالي ، فتجب الموافقة القطعية كما تحرم المخالفة القطعية. وان قلنا : بجريانها في بعض الأطراف دون بعض لم تجب الموافقة القطعية وان حرمت المخالفة القطعية. فالتفصيل بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية يدور مدار جريان الأصول في بعض الأطراف دون بعض.
ثم لا يخفى انه لا فرق في جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي وعدمه بين الأصول الجارية عند الشك في أصل التكليف والجارية عند الشك في الامتثال ، فان الترديد في مورد العلم الإجمالي كما يمكن أن يكون في أصل الحكم أو متعلقه ، كذلك يمكن أن يكون في مرحلة الامتثال بعد العلم التفصيليّ بثبوت التكليف ، كما إذا علمنا إجمالا بعد الإتيان بصلاتين ببطلان إحداهما ، فان قلنا : بجريان الأصول النافية في جميع أطراف العلم الإجمالي أو في بعضها لم يكن مانع من جريان قاعدة الفراغ في المثال في كلتا الصلاتين أو في إحداهما ، فلا وجه لما ذكره المحقق النائيني من اختصاص مورد النزاع بالأصول الجارية عند الشك في ثبوت