وعدم جواز الصلاة فيه ، أو يترتب عليها النجاسة أيضا؟ الحق هو الأول ، وذلك لأن حرمة أكل اللحم مترتب على ما لم يذك بمقتضى قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) وهكذا عدم جواز الصلاة في أجزاء الحيوان ، بخلاف النجاسة فانها مترتبة على عنوان الميتة ، والموت في عرف المتشرعة على ما صرح به في مجمع البحرين زهاق النّفس المستند إلى سبب غير شرعي ، كخروج الروح حتف الأنف ، أو بالضرب ، أو الشنق ونحوها ، فيكون أمرا وجوديا ، وليس الموت عبارة عما لم يستند إلى سبب شرعي ليكون أمرا عدميا مترتبا على أصالة عدم التذكية. وبالجملة لا كلام في ان الحيوان الميت حتف أنفه نجس وحرام ، وكذلك الحيوان الميت بغير تذكية شرعية. وانما الكلام في ان النجاسة الثابتة لغير المذكى هل هي بعنوان وجودي وهو الموت بغير سبب شرعي ، أو بعنوان عدمي أعني به عدم استناد الموت إلى سبب شرعي؟ ولا دليل على تعيين عنوان الموضوع ، بل الظاهر انه من قبيل الأول ، وقد عرفت ان الموت أمر وجودي كالتذكية.
وعلى هذا فيتم كلام الفاضل النراقي رحمهالله من معارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت ، فيتساقطان ، ويرجع إلى قاعدة الطهارة ، وان كان الصحيح جريانهما معا ، إذ لا يلزم من ذلك مخالفة عملية ومجرد كون عدم التذكية ملازما للنجاسة لأن التذكية والموت ضدان لا ثالث لهما غير مانع عن جريانهما ، إذ التفكيك بين اللوازم في الأصول غير عزيز ، كما في المتوضئ بمائع مردد بين الماء والبول ، فانه محكوم بالطهارة الخبثية دون الحدثية للاستصحاب ، مع وضوح الملازمة بين الأمرين ، ونظائره كثيرة.
ثم ان المحقق الهمداني رحمهالله ذهب إلى ان العنوان الّذي رتب عليه النجاسة هو ما لم يذك ، مستدلا بما يستفاد من ذيل مكاتبة الصيقل «فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس» (١) زاعما ان مفهومه انه لو لم يكن ذكيا ففيه بأس ، والمراد بالبأس
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ باب ٣٤ من أبواب النجاسات ، ح ٤.