هذا العنوان ، ومقتضى إطلاق ذيلها والغاية المذكورة فيها أعني بها العلم بالحكم الواقعي أو معرفته الشامل للعلم الإجمالي هو عدم ثبوت الحكم الظاهري في بعض الأطراف ، وهذا معنى المناقضة بين الصدر والذيل ، فان نقيض الموجبة الكلية هي السالبة الجزئية ، فلا بد من رفع اليد عن إطلاق صدر الروايات وتقييده بالشبهات البدوية ، أو عن إطلاق ذيلها وتقييده بالعلم التفصيليّ ، ولا مرجح لأحدهما على الآخر ، فلا محالة تكون الروايات من هذه الجهة مجملة ، فلا بد من الرجوع في مورد العلم الإجمالي إلى حكم العقل ، وقد عرفت ان العقل لا يفرق بين العلم الإجمالي والتفصيليّ في المنجزية بعد ما لم يكن في موارد العلم ولو كان إجماليا مجالا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ثم انه قدسسره ذكر شبهة لإثبات اختصاص الغاية بالعلم التفصيليّ وحاصلها (١) : أن كلمة «بعينه» المذكورة في ذيل بعض الأخبار الواردة في المقام دالة على اعتبار العلم التفصيليّ في حصول الغاية. وأجاب عنها بأنه لا يستفاد من هذه الكلمة إلّا التأكيد ، فانه يصح عرفا أن يقال أعرف نجاسة إناء زيد بعينه فيما إذا علم بنجاسته وتردد بين إناءين ولم يكن إناء زيد متميزا عن غيره.
أقول : يرد على ما أفاده.
أولا : ان العلم أو ما هو بمعناه المأخوذ غاية في هذه الروايات ظاهر عرفا في خصوص ما يكون منافيا للشك في كل من الأطراف ، وبعبارة أخرى : ظاهر قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين أبدا بالشك وانما تنقضه بيقين آخر» (٢) هو أن الغاية إنما هو اليقين المتعلق بعين ما تعلق به الشك بحيث يكون رافعا له لا مطلق اليقين ولو تعلق بغير ما كان الشك متعلقا به ، وهذا واضح جدا ، وعليه فالغاية لا تحصل بالعلم
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٠٤ ـ ٤٠٥ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.