البعث بالضرورة ، فعلى كلا تقديري الالتفات وعدمه يستحيل فعلية الحكم في حقه ، ومع استحالة الفعلية يمتنع الجهل بالضرورة.
وقد ذهب صاحب الكفاية إلى إمكان ذلك (١) ، وأفاد في بيانه وجهين :
الأول : ان يوجه الخطاب إلى الناسي لا بعنوانه ، بل بعنوان ملازم له واقعا وان لم يكن الناسي ملتفتا إلى الملازمة ليرد المحذور.
وفيه : أن هذا مجرد فرض وهمي ، لا واقع له ، ولا سيما أن النسيان يختلف باختلاف الأزمان والأشخاص ، واختلاف متعلقه ، فقد يتعلق النسيان بالقراءة ، وقد يتعلق بالسجود أو بغير ذلك من اجزاء الصلاة وشرائطها ، فأي عنوان يفرض ملازما للنسيان أينما تحقق ، خصوص إذا اعتبر فيه ان لا يكون الناسي ملتفتا إلى الملازمة بينهما.
الثاني : أن يوجه التكليف إلى عامة المكلفين بالإتيان بما يتقوم به العمل في حالتي العمد والسهو ، واما بقية الاجزاء والشرائط فيوجه الأمر بكل منها إلى خصوص الذاكرين ، أو يخبر عن كونه جزءا أو شرطا لهم خاصة ، وعلى كل حال تختص الجزئية أو الشرطية فيها بحال الذّكر ، ولا يعم حال النسيان.
وهذا الوجه الّذي ذكره متين في مقام الثبوت ، إلّا انه يحتاج في مقام الإثبات إلى ما يدل عليه. وقد ثبت ذلك في باب الصلاة ، حيث ان الأمر بالأركان فيها مطلق لعامة المكلفين ، واما بقية الاجزاء والشرائط فالأمر بها مختص بحال الذّكر بمقتضى حديث لا تعاد وغيره من النصوص الواردة في موارد خاصة ، وعليه فالناسي لجزء وان كان غير ملتفت إلى نسيانه إلّا انه ملتفت إلى ان كلما يأتي به من الاجزاء والشرائط انما يأتي به بما هو مأمور به ، غاية الأمر أنه يتخيل ان ما يأتي به مماثل لما
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٤٠.