حينئذ هو التعيين أو التخيير؟ وجهان :
ذهب صاحب الكفاية (١) إلى التعيين ، لأن العقل يحكم حينئذ بتعين محتمل الأهمية كما هو الحال في جميع موارد التزاحم عند احتمال أهمية أحد الحكمين بخصوصه.
وذهب المحقق النائيني (٢) إلى الحكم بالتخيير ، على خلاف ما اختاره في باب التزاحم ، وذكر في وجهه : ان المزاحمة بين الحكمين في باب التزاحم انما تنشأ من إطلاق كل من الخطابين لحال الإتيان بمتعلق الآخر وعدمه ، فإذا لم يمكن الجمع بينهما ، لعدم القدرة عليه ، فلا مناص من سقوط أحد الإطلاقين ، فان كان أحدهما أهم من الآخر كان الساقط غيره ، وإلّا سقط الإطلاقان معا ، لبطلان الترجيح بلا مرجح. هذا فيما إذا علم كون أحدهما المعين أهم ، أو علم تساويهما.
واما فيما احتمل أهمية أحدهما بالخصوص ، فسقوط الإطلاق في غيره معلوم على كل حال ، ويشك في سقوط إطلاق محتمل الأهمية ، ومن الظاهر انه مع الشك في سقوط إطلاقه لا بد من الأخذ به ، فتكون النتيجة لزوم الأخذ بمحتمل الأهمية وترك غيره ، هذا فيما كان لكل من دليلي الحكمين إطلاق. واما فيما لم يكن لشيء منهما إطلاق ، وكان ثبوت كل من الحكمين في نفسه مع قطع النّظر عن عجز المكلف عن الجمع في الامتثال معلوم من الخارج من إجماع ونحوه ، فالوجه في تقديم محتمل الأهمية هو ان كلا من الحكمين يكشف عن اشتمال متعلقه على الملاك الملزم التام ، وعجز المكلف عن استيفائهما معا انما يقتضي جواز تفويت أحدهما تعيينا أو تخييرا ، فعند احتمال أهمية أحد الحكمين بخصوصه يقطع بجواز استيفاء ملاكه ، وتفويت ملاك الآخر على التقديرين ، واما تفويت ملاك محتمل الأهمية ولو باستيفاء
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٠٧.
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ٤٥٠.