شريكا مع السادة أو الفقراء ، فبابه باب قلة النّفع ، وهو أجنبي عن الضرر المفسر بالنقصان كما عرفت. نعم في موارد وجوب الزكاة فيما ملكه الإنسان سابقا ، كما إذا ملك مائتين وعشرة دراهم ومضى عليها سنة ، فأدى زكاته ، وهي خمس دراهم وربع درهم ، ثم أبقى الباقي عنده حتى مضت عليه سنة أخرى ، فوجب عليه إخراج زكاته ثانيا كان هذا الحكم ضرريا لا محالة ، لكنك ستعرف ان هذا ليس تخصيصا للقاعدة أيضا. وأما وجوب الحج أو الجهاد فهو وان كان ضرريا إلّا أن دليل لا ضرر لا يعم إلّا ما كان الحكم الشرعي ضرريا اتفاقا ، واما إذا كان الحكم في نفسه وطبعه ضرريا فهو غير مشمول له أصلا ، والشاهد على ذلك أن وجوب الحج والجهاد وغيرهما من الأحكام الضررية كانت ثابتة عند صدور هذا الكلام من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قضية سمرة ومع ذلك لم يعترض عليه أحد من الصحابة بجعل هذه الأحكام في الشريعة. وبذلك يظهر لك الجواب عن وجوب الزكاة وعن التعزيرات ، بل هو جار في جميع الموارد المتقدمة ، فمع الإغماض عما قدمناه من الجواب كان هذا جوابا عن الجميع. نعم لو استلزمت هذه الأحكام الضررية في أنفسها ضررا آخر مغايرا لما يقتضيه طبعها صح التمسك بحديث لا ضرر لنفي ذلك ، والوجه فيه ظاهر.
وأما الحكم بنجاسة الملاقي للنجس فيما تعذر تطهيره أو استلزم نقصا في ماليته فكونه ضرريا يتوقف على شمول عنوان الضرر للنقص في المالية أيضا ، وهو وان كان قريبا جدا إلّا أن تخصيص القاعدة بذلك كتخصيصه بوجوب شراء ماء الوضوء ولو بأضعاف قيمته ، وبوجوب غسل المريض إذا تعمد الجنابة ولو تضرر بذلك على قول ، لا يوجب تخصيص الأكثر ، المانع عن التمسك بالقاعدة في موارد الشك.
فتحصل مما ذكرناه ان ما ذكر من الموارد تخصيصا للقاعدة يدور أمره بين ما لا يكون تخصيصا وما لا يلزم من التخصيص به تخصيص الأكثر.